بين السيرقوني والسيكلما : مسار الكرة
راكضة خلفها، تحاول اللحاق بها، تتدحرج الكرة عبر الزقاق، تعبر الزقاق الطويل حيث اعتاد الأطفال اللعب قبل أن يُقصف، تمر بين الأكياس الرملية المكدسة، كمتراس موضوع ليعيق دخول الرصاص في الأجساد البشرية، تعبر الممر وتصل إلى الطريق السريع، تسير بمحاذاته متدحرجة بين بقايا الطلقات المقذوفة والشظايا المتناثرة وقطع من أشلاء جفت فوق بساط من دم متخثر منذ أيام
تصل الكرة إلى الحاجز تدور في مكانها بضع دورات حتى تأتي نسمة عابرة تقذفها فوق الإسفلت لتعبر الطريق السريع، تمر على بعد مليمترات منها سيارة مسرعة جداً خوفاً من رصاصة طائشة، فترميها إلى الطرف الثاني من الإسفلت، تدخل عالماً ثانياً حيث تحتفل الطبيعة بقدوم الربيع، وتتفجر الأرض ألواناً وعشباً، تتربع النجيليات بنت هذي الأرض على العرش تهز رؤوسها طرباً مع أصوات الحياة المتجددة، تمر نحلة مسرعة فوق الكرة، يذكرها صوت النحلة بمشهد سابق، تتذكر الفتاة، فتاتها التي تركلها عبر الأزقة، تلتفت الكرة إلى الخلف باحثة عنها، تجد مجال رؤيتها مغلقاً بأعشاب الربيع، تسأل البيلسان: كونك ممشوق القامة وتستطيع الرؤية بعيداً، هلا استطلعت لي طفلة في السابعة تركض خلفي باحثة عني، أرجوك خبرها أنني هاهنا أنتظرها، لا يمكنني العودة فالمسار منحدر ولا حول لي ولا قوة، يشد البيلسان من جذعه الغض ليرتفع بأقصى ما يمكن، يصعقه المشهد إذ يرى الفتاة مصابة ومرمية على طرف الطريق السريع، ينظر إلى الكرة، محاولاً إخفاء غصته، ويقول بكل براءة: لا لم أرها ربما تاهت عنك لا تنتظريها.