مبارك سلفاً! سيادة الرقيب!
محمد عصام زغلول محمد عصام زغلول

مبارك سلفاً! سيادة الرقيب!

لم تضع سدىً جهود الرقيب خلال العقود الماضية، فيقظته وتنبُّهه لكل عمل فني أو أدبي أو «سياسي»، واشتغاله «بالقصقصة» و«النتوفة» و«الترقيع» أعلى مكانته عند صانعيه، وزادت صلاحياته ومخصصاته، فالرقيب الأميُّ الذي لا يكاد يحسن القراءة، طُوِّر وحُسِّن، وأضيف إليه بجانب المقص «فأرة وشاشة».

ليمارس مهامه الجديدة في ملاحقة الأحرار من أبناء هذا الوطن، يتابع كتاباتهم، ويراقب مقالاتهم، ثم يقوم وبالاعتماد على «زرين» سهلين هما «Select All» و«Delete»، بمسح كل ما قد يضر بهذا الوطن الآمن، لأن الرقيب أشد اهتماماً وأكثر علماً وأحدُّ ذكاء من كل كاتب ومؤرخ ومحلل.. يعلم الضار والنافع لأمتنا بخلاف المذكورين، ويقدر الأمور بما فيها مصلحة البلاد والعباد.

قانون الإعلام الإلكتروني القادم قريباً، قدَّر أعمال الرقيب السابقة وخدماته فمنحه ترفيعاً ـ يستحقه!! ـ من رتبة رقيب إلى رتبة رقيب عتيد! وخوّله التجوال في الشابكة، يحظر ويمنع ويحذف، بالقدر الذي يشاء والترتيب الذي يريد.. حتى يغلق على المثقفين تلك الفسحة التي خلقوها، والمساحة التي أحسوا بذاتهم فيها، وأقلقوا راحة الفاسدين بها!، وحتى يقضي على بصيص الأمل الذي بدأ يظهر في أعينهم.

فرحة الرقيب عارمة، وهو يتجهز بكل الأشكال للاحتفال، منتظراً اللحظة الحاسمة، لحظة إقرار القانون.. شاهدته منذ أيام، يبتاع أنواع الحواسيب الحديثة، وضحكةٌ خبيثةٌ تُظهر نابيه الحادين!

هذا الرقيب الذي تناول الصحف والمجلات، والكتب والدراسات، والآن... المواقع والمدونات، محاولاً تكسير الأزرار والأقلام باحثاً عن وطن صامت! وشعب صامت!.. نبشره أجمل بشرى، بأنه لا إن ترفّع إلى رقيب عتيد، بل لو وصل إلى رتبة «منفّر ونفير» لن نفتر، وسنرسل أفكارنا لا بالمقالات و«الإيميلات» بل سنتواصل مع الشعب بالإيماءات والإيحاءات، وستبقى ـ سيادة الرقيب ـ ومقصك ووسائلك.. قاصراً عن إضعاف عزائمنا، لأننا أهل الحق والثبات، وأنت من الجهلة الآفلين!!