لأول مرة... «الأعمال الكاريكاتيرية» لصلاح جاهين
تكتسب قصائد وأغنيات شاعر العامية المصري صلاح جاهين (1930-1986) أهميتها من صدقها وعفويتها وقدرتها على تجاوز الزمن الذي كتبت فيه ومواكبة روح العصر، قصائد وأغاني مثقلة بمفارقات سياسية واجتماعية
تبدو رسومه الكاريكاتيرية متجددة كأنها رسمت للسخرية من قضايا حالية، يسلط فيها الضوء على مفارقات سياسية واجتماعية.
ففي إحد رسومه يتناول جرأة التلاميذ على مدرسين تنازلوا عن كبريائهم العلمية ودورهم التربوي طمعاً في أموال ينالونها مقابل الدروس الخاصة التي لا تليق بكرامة المدرس، وجاهين ظاهرة إبداعية كما وصفه معاصروه، وكتب عنه الشاعر الفلسطيني محمود درويش (1941-2008) أنه «واحد من معالم مصر يدل عليها وتدل عليه. نايات البعيد وشقاء الأزقة ودفوف الأعياد. سخرية لا تجرح وقلب يسير على قدمين... جاهين يجلس على ضفة النيل تمثالاً من ضوء يعجن أسطورته من اليومي، ولا يتوقف عن الضحك إلا لينكسر. يوزع نفسه في نفوس كثيرة وينتشر في كل فن ليعثر على الشعر في اللاشعر. صلاح جاهين يأكل نفسه، وينمو في كل ظاهرة، ينمو لينفجر».
وينتقد جاهين «نظام الطبقات» من خلال إبداعه في أكثر من فن بما في ذلك التمثيل، وهو مؤلف قصيدة «والله زمان يا سلاحي» التي لحنها كمال الطويل وغنتها أم كلثوم وكانت النشيد الوطني لمصر منذ عام 1956 الذي شهد العدوان الثلاثي الإسرائيلي-البريطاني-الفرنسي على البلاد حتى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979.
وصدرت (الأعمال الكاريكاتيرية) لجاهين في مجلدين يقعان في 790 صفحة كبيرة القطع عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالتعاون مع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي والجمعية المصرية للكاريكاتير، وصمم الغلاف الفنان المصري أحمد اللباد.
ويؤكد المصمم الكتب التشكيلي المصري محيي الدين اللباد في مقدمة المجلد الأول (1940-2010) أن جاهين فاجأ قراء مجلة (روزاليوسف) عام 1956بكاريكاتير «جديد مختلف صادم مدهش ومبهج واكتشفت الأعين المتعطشة للجديد سياقاً محكماً يربط هذا العدد الكبير من الرسوم... كان وراء هذه الرسوم عقل مثقف شديد الوعي بالمجتمع» مضيفاً أن رسوم جاهين ارتبطت بأماكن يعرفها القراء ويألفونها مثل مكاتب موظفي الحكومة وعيادات الأطباء والمدارس والأسواق والمقاهي.
وتبدأ الرسوم بفصل عنوانه (قهوة النشاط) يسخر فيه جاهين من الكسالى الذين يحترفون النوم أو لعب النرد في المقهى، وفي قسم خاص بالحيوانات يرسم جاهين رجلا يختال وهو يجر كلباً متذمراً ويعلق «ايه العنطزة دي.. احنا وصلنا القمر قبلكم» في إشارة إلى الكلبة «لايكا» أول كائن حي يصل عام 1957 إلى القمر قبل الإنسان.
ولا يفوت جاهين أن يمارس لعبة إبدال الحروف والكلمات، فيرسم مذيعاً يقدم أغنية قائلاً «استمعتم إلى أغنية (م المرسي لسوق الحميدية) كلمات موسكي جميل عزيز» وفي التعليق مداعبة لكاتب الأغاني المصري الشهير مرسي جميل عزيز مؤلف أغنية (م الموسكي لسوق الحميدية) التي لحنها الأطرش وغنتها صباح بمناسبة الوحدة بين مصر وسورية عام 1958.
وأصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب في الآونة الأخيرة الأعمال الكاملة لجاهين في سبعة أجزاء هي (الدواوين الشعرية) و(الفوزاير) التي أذاعها التلفزيون المصري في شهر رمضان بداية من عام 1970 و(هو وهي) وهو سيناريو مسلسل تلفزيوني قام ببطولته أحمد زكي وسعاد حسني و(منوعات غنائية) و(أعمال مسرحية) ومسرح العرائس) ويضم ستة أعمال أشهرها (الليلة الكبيرة) و(مقالات ساخرة).