بين السيرقوني والسيكلما «بطول الشاهدة يا آس»
استيقظ ليغسل وجهه وأسنانه من ماء قنينة عبأها ليلة البارحة من بيت صديق في دمشق، لأن الماء مقطوع، ثم شرب كأس ماء باردة عبأها كذلك ليلة البارحة، بدلاً عن فنجان القهوة الساخنة إذ لا كهرباء ولا غاز ليشرب شيئاً ساخناً
وبعدما لبس نصف خزانته، على أمل أن يتسرب الدفء إلى مفاصله المتعبة، ويخف ألم ضرسه الذي أصبح عمره ثلاثة أسابيع. وصل إلى العمل بعد ثلاث ساعات متواصلة على الطريق تخللها حوالي الساعتين والربع على الحواجز، وساعتين من النق المتواصل من ابنته، بسبب انقطاع النت منذ حوالي الشهر في البيت، وعدم وجود عمل لها، وغيره من الموال اليومي. وصل إلى العمل متأخراً ليفاجئه مديره المباشر بأنه سحب اسمه من المشروع لأنه تأخر على الدوام، وكأنه هو المسؤول عما يجري في البلد أو كأن إدارة الحواجز بيده، وتقترح عليه إحدى الزميلات ألا يأتي أصلاً إلى العمل (يعني بطل الشغلة كلها) لأن ثلاث ساعات كثير برأيها.
يتذكر كلام أبيه الذي كان في طفولته يبيع الآس عند القبور صباح العيد في مقبرة باب الصغير، ويقرأ القرآن للنساء الراغبات في قراءة ما تيسر عند قبور الأهل والأحباء.
ضحك عندما تذكر كيف كان أبوه يسترجع ذكريات الطفولة ويقلد صوت باعة الآس العالي وهم يصرخون، «بطول الشاهدة يا آس».