قاسيون تحاور فرقة «أوج».. لماذا يذهب الدعم كله للموسيقا الغربية؟
جهاد أسعد محمد جهاد أسعد محمد

قاسيون تحاور فرقة «أوج».. لماذا يذهب الدعم كله للموسيقا الغربية؟

تحاول فرقة «أوج» للموسيقا العربية أن تشق طريقاً لمشروعها الثقافي الحداثي التطويري في مناخات فنية واجتماعية ومؤسساتية صعبة، وقد تمكنت خلال فترة قصيرة نسبياً أن تؤكد جدارتها رغم غياب الدعم والرعاية، ورغم عدم اكتراث المؤسسات الثقافية بأي مشروع يَثبُت انتماؤه للثقافة الوطنية والتراث الوطني..

قاسيون التقت قائد فرقة أوج الفنان وسيم مقداد، وكلاً من العازفين رامي الجندي وسامر علي، وكان لها معهم الحوار التالي:

 

• كيف بدأت فكرة «أوج»؟

«أوج» هي تجمع لمشاريع فردية، فنحن مجموعة من الأصدقاء جمعتهم الحالة الموسيقية على تنوعها، لكن الإطار كان هو الموسيقا العربية. الأصدقاء أجمعوا على تطبيق الأفكار التي تشغلهم من خلال فرقة، من هنا ولدت «أوج».. وكانت النواة الأولى حسام ووسيم ورامي الجندي.. ثم بدأت الفرقة تكبر رويداً رويداً.. والآن صرنا عشرة عازفين..

فكرة «أوج» موجودة فينا قبل أن تصبح فرقة من خلال مشاريعنا الشخصية، وهذا ما جعلها تولد بشكل طبيعي..

• هل كان تأسيس الفرقة هدفاً بذاته، أم وسيلة لقول شيء؟؟

الدافع هو الاشتغال على الموسيقا العربية خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد فيها الموسيقا العربية غياباً كاملاً، ففي دمشق، على سبيل المثال، تجد فرقاً لموسيقا  الراب والكلاسيك وغيرها.. ولا تجد من يهتم بالموسيقا العربية، طبعاً قد تجد حالات للموسيقا العربية، هنا وهناك، في حمص وحلب، لكنها لا تشكّل حركة صحية حقيقية، وهذا انعكاس لواقع غياب الموسيقا العربية في المؤسسات، خصوصاً في المعهد العالي للموسيقا، والذي يؤدي فيما يؤدي إلى أن اتجاهات الدعم المالي بمعظمها تذهب باتجاه الجاز والبلوز والروك..

• لماذا لم تكن فكرة تعلم ودراسة وتطوير الموسيقى العربية مطروحة، حتى في المعهد العالي للموسيقى، بالشكل الذي يدعو للخوض في هذا التحدي.. كيف قرأتم أزمة الهوية؟؟

هو سؤال كبير وخطير بلا شك، والإجابة عليه برسم من كرّسه.. لكن بالنسبة لنا، فنحن أبناء هذه البيئة، ونحن بحالة انغماس عميق بمخزونها الموسيقي والفكري والروحي، ويشغلنا أنه لم يتحقق فيها أي إنجاز مشابه للإنجاز الموسيقي الذي قدمه سيد درويش وأحفاده في مصر على سبيل المثال، وكذلك ما أنجزه الرحابنة وزكي ناصيف في لبنان، لأن المناخ عندنا كان وما يزال غير مشجع أو محفز.. الآن، ومن خلال قراءة الخريطة الموسيقية المتنوعة سورياً وعربياً نحاول أن نفعل شيئاً، مع فرق المقارنة بيننا وبين سوانا، لكنها جدلية الحلم والإمكان، ونريد أن نحاول..

• كيف تتلمسون خصوصية الموسيقا في سورية؟ وهل التجارب الأخرى في البلدان العربية لها كينونات مستقلة، أم هي امتداد لروح واحدة؟؟

الموسيقى هي علم بحد ذاته له أبجديته الخاصة، والموسيقى العربية عموماً لها ما يميزها عن سواها في العالم، سواء في الشرق أو في الغرب، كونها تختلف في الأبعاد والإيقاعات والمقامات، وبالتالي لها بناؤها الخاص..

لكن داخل هذه الخصوصية للموسيقا العربية المختلفة، هناك اختلافات كثيرة، فخواص الموسيقى الجبلية تختلف عن موسيقا المدن، وموسيقى المدن تختلف من مكان إلى آخر، وهكذا.. ومع بروز الإعلام أصبح يمكن تلمس التمايزات البسيطة وصار يمكن الحديث عن موسيقا سورية، تميز سورية بالمعنى السياسي لا الطبيعي..

• ضمن هذه الأطر والتفاصيل.. كيف تتلمسون الطريق إلى مشروعكم الخاص؟

نحن بإدراكنا لهذه اللوحة نحاول أن نقدم شيئاً جديداً، يرتكز إلى الخطوات المتقدمة في تطوير الموسيقى العربية بخصوصيتنا، ونتوازع الأدوار، فثمة من يؤلف، ومن يوزع، ونأخذ من مؤلفين من خارج الفرقة.. نحن ورشة عمل دائمة نعمل وفق تناغم عال لتقديم مادة فنية بروح واحدة لها طابع جماعي، يشترك فيها الجميع.. لكل واحد منا أفكاره ومقترحاته التي تغني العمل.. العمل هو بحث وتفاعل. لاشك أن عراقيل كثيرة تعترضنا أثناء العمل، لكننا نتجاوزها..

• هل شعرتم أنكم بدأتم تتمايزون عن تجارب الآخرين؟؟

طبعا هناك تمايز واختلاف، من جهة الاشتغال الجمالي، ومن جهة أخرى الابتعاد عن السلفية السائدة 

نستفيد من قواعد التأليف والتوزيع العالمية، ومن خلالها خرجنا على القالب السماعي التقليدي الذي تكرّس في الأذن الجمعية، وقد بدأ الناس يحبون ما نفعله.

• لماذا تأخر ظهور مثل هذه التجربة حتى الآن؟؟

ظهرت تجارب سابقة، لكن لم يُكتب لها البقاء، وجود المعهد العالي الذي يهتم بعلوم الموسيقا الغربية فقط ساهم في إطفاء هذه التجارب، لكن بالنسبة لنا، شكل هذا دافعاً استفزنا وبالوقت نفسه أعطانا مفاتيح علمية للشغل.. من جهة أخرى كان كل واحد منا ينجز تشكيل خلفيته المعرفية، وهذا ما جعلنا نختلف عن التجارب الرائدة، دون أن نقع في فخ التكرار.

الوضع العام في البلد الذي لم يكن مشجعاً للتجارب الثقافية عموماً، والموسيقا على وجه الخصوص، صحيح أنه كانت هناك تجارب كثيرة لكنها لم توثق لا في التلفزيون ولا في الإذاعة.

إدارة المعهد العالي السابقة ساهمت أيضاً في تثبيت فكرة أنه من غير المهم أن تعزف موسيقاعربية، وهذا ما جعل الحلم يتأجل حتى وجد من هم أهل لحمله.. البعض كان يعتبر أن عزف الموسيقى العربية يفسد الأذن والمسارح الكبرى وكوريدورات المعهد العالي!!.

• الفترة التي ظهرتم فيها هي فترة اشتداد العولمة وشطب الهويات، وقد تساوق معها الكثيرون.. لكن هناك تجارب كثيرة قالت لا.. كيف تقرؤون هذا الخريطة ودور «أوج» فيها؟؟

هذا هو التحدي.. باتت الهوية على المحك.. علينا أن نتخلص من عقدة الدونية تجاه الغرب والموسيقى الغربية.. تجربة «أوج» هي محاولة لمواجهة هذه الهجمة.. ولكنها ليست ردة فعل، بل هي مشروع إبداعي وطني..

• هل تتلقون أي دعم أو تمويل أو رعاية من الجهات الثقافية الرسمية أو من سواها..

لا يدعمنا أحد، بل العكس هو ما يحصل.. لا المراكز الثقافية العربية تقف إلى جانبنا، ولا المؤسسات التابعة لأية جهة حكومية معنية.. والحقيقة أننا نموّل أنفسنا من رواتبنا التي نجنيها من أعمال أخرى بعيدة عن الموسيقا.. لا أحد يريد دعم أناس يعملون على الموسيقاالعربية.. يعتبروننا «تراثيين» وغير حداثيين.. المقدمون بالنسبة للجميع هم الذين يعزفون لباخ وبيتهوفن وشوبان...

أعضاء الفرقة

- وسيم مقداد «عازف عود»

- سامر علي «كمان أول»

- عمر حصني «فيولا»

- مجد بلال «قانون»

- علي أحمد «إيقاع»

- رامي الجندي «إيقاع»

- فجر العبد الله «كونترباص»