ربما ..!  ثقافةٌ في نفق
رائد وحش رائد وحش

ربما ..! ثقافةٌ في نفق

لا تزال الكتابات الجديدة تطرق نواقيس السّؤال فيرتدّ صداه أسئلةً تلو الأسئلة: هل خرجنا من النّفق، أم لا نزال مختبئين فيه؟؟ وما الذي يجعلنا لا نهبّ منه هبّة ثوّار يسعون إلى التغيير؟؟ أم تراه مخبأً نتوارى فيه خائفين مرعوبين من خطر داهم لا نعرف ما هو؟؟

أسئلة بلا نهاية.. فالأسئلة نفقٌ.. بل أنفاقٌ داخل أنفاقٍ!!

هو ذا حال الكتابة الجديدة في حيرتها بين البحث عن الصّوت/ البصمة، وعن مشروعية الوجود والمقروئية.. وبين الحالين يأخذ النّفق معاني عديدةً، فمرّةً هو نفقٌ مظلمٌ موحشٌ تتوق الأرواح إلى مغادرته صوب الضوء والهواء الطلق، لكنْ دون جدوى.. ومرّة يغدو النّفق تجسيداً حيّاً لأنفاقِ الدّاخل الإنسانيّ من أحلام ورغبات، بحيث يصيرها ويصبحها ويكونها لحماً وعظماً ودماً في تعبيرٍ دامغٍ على الكينونة.. ومرّةً يكون النفق معبراً محلوماً للعبور من الضياع والتخبّط إلى الذّات والمعنى والغاية..

لكنّ النفق المقصود لا يخلو من معاني السّلب، بل لعلّها أكثر معانيه مباشرةً، ولا سيما حين ترى أنّ أكثرية هؤلاء (النّفقيين)، الانتهاكيين.. بتعبير زياد خداش، لا يحملون مشروعاً متكامل الملامح بحيث تتضح فيه المساعي إلى تشكيل ثقافة شبابية جديدة وعصرية تستند إلى أسس واضحةٍ تفرضها الضرورات ضدّ كل محاولات تمويتنا، والحكم المؤبّد علينا بالتراجع والتخلّف.. بل إن المعنى الأكثر تجلّياً لهذا النفق هو كونه هامشاً للشباب بهوسهم وشغبهم وجمالهم، وفسحةً لحرية للكتابة والقول والارتكاب العلنيّ للأفكار، فواقع الحال يخبرنا أن الكتابات الجديدة التي تجعلنا نتداول صورتنا كما نحن، من دون رتوش ولا عمليات تجميل، هي، في العمق، غير مُؤسسة على قراءات مُنتجةٍ لرؤيا وموقف صلبين أبعد من الجماليّ والبلاغيّ، وكأن القول بالهدم -مثلاً- يُعنى، بدرجة أولى، بهدم أشكال شاعت، لا بهدم فكر وواقع مشوّه..

من بين هذا كلّه، النفق، هذه المساحة الواسعة لثقافتنا وكتابتنا الجديدة، مساحةٌ لا تزال ضيّقةً على العقل وخانقةً للأنفاس!!