ما العمل..؟

ما العمل..؟

بعد غياب عشر من السنين يعود البلد خطفاً بداعي إرث طارئ.. يزور الأرض الخضراء حيث قضى طفولته، يتمشى باتجاه التلة المشرفة على البحر.. يمج أنفاساً سريعة من سيكارته.. يسألني ما بالك مقيما متلبداً هنا؟ ماذا تنتظر؟

وبينما أصفن ولا أجد جواباً سريعاً، يرشقني باتهام آخر: آه لقد نسيت، أنت إنسان انطباعي..!! بلعتك طبيعة الحرش الأخضر ذات ربيع في واد أو جب قريب، ثم استسلمت، ولم تعد قادراً على المغادرة، يا أخي أنت إنسان قليل مروة، ومثل أهالي ضيعتنا تحب البحر والزيتون وزراعة البندورة، الدنيا تتقدم وتتغير من حولك وأنت لا تتغير!! ثم إنّ محبة ربيع الضيعة والطبيعة لا تتنافى مع تغيير الحال نحو الأحسن!.

 ويمضي ضاحكاً.. مسترسلاً بتعداد فوائد السفر، والاجتهاد لتحصيل الرزق والنعمة... ابتعدت عنه إلى حيث لم يعد بإمكاني سماعه. ولكن بعد أيام، استذكرت حديثه، ولم يكن يعنيني شيء منه سوى مصطلح (انطباعي) ...ربما وجدته محقاً هنا نوعاً ما، ربما عشنا بالفعل زمناً طويلاً منطبعين بالواقع، نتأثر به ولا نؤثر، يأسرنا بظلمه وظلامه، حتى لم نعد نرى منه إلا الطبيعة الصامتة.. وهذا مهرب مضحك بالفعل، ولكن ما العمل اليوم، وقد تفجرت كل العناصر حولنا؟؟  سؤال يطل علينا برأسه من كل مكان حولنا، أنبقى أسرى هذه الخضرة الخانقة من التلة حتى السنسول؟.. أم نغادر ونترك كل شيء للوحشة والخراب؟؟ الطبيعة لا تقبل الفراغ.. بينما نحن ما زلنا نحدق في الفراغ وننتظر..