رصاصةٌ واحدةٌ فقط..
هي مراحلٌ عدة تلك التي تتوسط المسافة بين الحياة والموت، يلمسها عن قرب فقط من انتظر على قلقٍ مريضاً. ربما يبدو من المستحيل التصديق أحياناً ما يمكن لجسد بشري أن يفعله ليبقى على قيد الحياة، كيف يمكن أن يصارع، يقاتل، يتشبث بخيوط النجاة الهشة. ماذا يعني أن تخفق سريعاً قلوب كثيرة حتى تشجع قلباً متعباً على الاستمرار في المحاولة.
أو كيف يمكن لحياة شخص واحد أن تربط معها عشرات الحيوات. كيف يمكن لنبضات القلب بإيقاعها المنتظم أن تكون الصوت الأجمل لآخرين قلقين، أو ضغط دمٍ يعلو ويهبط في جسدٍ فتعلو معه الآمال أوتذوي.
ساعات انتظار طويلة، دعوات وأمنيات، دموع لا تجف ..حينها تتحد أفكار الجميع وذكرياتهم حول ذاك المريض، كما لو أنه وبمجرد اتحاد الأفكار وتجميدها حوله قد يحيا ..
المسافة بين الحياة والموت قد تكون طويلةً بطيئة، أو تكون سريعة... كطلقة !
طلقة واحدة هي كل ما يلزم أحياناً للمرور سريعاً بين تلك المراحل، طلقة واحدة تكون رسولاً بين عالمين مختلفين متناقضين :الحياة والموت .
تتجاوز الطلقة الزمان، تكثفه ليصبح الفاصل بين فوهة البندقية والجسد الحي. تتجاوز الرصاصة المكان إذ لا يعنيها إن اخترقت زجاج نافذة طفلٍ صغير، أو استقرت في حائط أو كرسي.
طلقةٌ واحدة تكفي لتتجاوز إعجاز البقاء على قيد الحياة، وحرمان أعضاء الجسد من النضال لتحقيق ذلك.
طلقة تسرق من أهل القتيل الزمن الفاصل بين الموت والحياة، تسرق حقهم في الانتظار والترقب والتمني.
الطلقة هي النسخة الحديثة والعصرية للموت، كما الهامبرغر رمزُ الطعام السريع.
الطلقة تحرر القاتل من التحلي بالشجاعة للإقدام على القتل إذ تسبق أفكاره ، تحرره من دفعات الأدرنالين التي تسري في دمائه ، تنقذه من ذكرى عيون الضحية.وتكثف فعل القتل بمجرد ضغطةٍ صغيرة على الزناد، ليستطيع القاتل فيما بعد أن يخفي عن نفسه حقيقة أنه قام بالقتل حقاً.. هو لم يقتل... هوفقط ضغط بإصبعه على المعدن... هو لم يقتل... الرصاصة قتلت...
رصاصة واحدة: قطعة صغيرة من الحديد المصقول تختصر حيوات كاملة، تحول الأشخاص أرقاماً، رصاصةٌ واحدة فقط هي الفرق بين الحياة والموت.