بين قوسين: تمارين سويدية
الفاكهة المحرّمة
إذا رغبت أن تفتّش عن تفسير معاصر لمعنى «الدولة» في المعاجم العربية، فلن تجد. هناك إن شئت «المُلك»، أو «الخلافة»، أو«السلطان». اختر واحدة من هذه المراتب، وكن جندياً عند باب الملك، أو مهرجاً لدى الخليفة، أو عسساً في قلعة السلطان. في حال تبَحّرتَ في «لسان العرب» مثلاً، فستجد أن الدولة تعني «الغَلَبَة»، أو الاستيلاء على السلطة والثروة، ودالت دولة فلان ذهبت. أما بخصوص مفردات أعجمية مثل الحرية والمساواة والديمقراطية فهي كلمات نافلة، وفاكهة محرّمة وعسيرة الهضم، ولا محل لها من الإعراب.
المثير حقاً، إننا بعد عقود طويلة على الاستقلال من «ربقة» الخلافة العثمانية، وبناء الدولة الحديثة، نكتشف أن كل ما يتعلق بالمدنية مجرد هراء إذاعات وجرائد وندوات. الأحداث التي تشهدها البلاد اليوم بكل ألغازها، أفرزت على السطح مفاهيم جديدة لدى البعض، وذلك بالارتداد إلى الطائفة أو العشيرة أو القبيلة، والأفخاذ والبطون، وكل ما هو قبل مفهوم الدولة. على الأرجح فنحن نحتاج إلى «تمارين سويدية» صباحية وليلية للتدريب على الاختلاف والتعددية والديمقراطية لإعادة ترتيب البيت السوري، ولردم المسافة المحتشدة بالحفر والخنادق والألغام كي نصل إلى المواطنة بمعناها العميق.
رأي.. آراء
حتى بائع الخضار على الرصيف صار يردد عبارة «الرأي والرأي الآخر» في الدفاع عن بضاعته المغشوشة. لعل المعضلة تكمن هنا في هذه الثنائية الصارمة.
لماذا لا تكون هناك آراء متعددة تتجاوز ثنائية الجنّة والنار؟ ثنائية: وطني أو خائن، مؤمن أو ملحد، جرير أم الفرزدق، أدونيس أم محمود درويش، جمال عبد الناصر أم غاندي، كوسا محشي أم كباب؟
أفكّر بالكائن البشري ، وهو يرزح تحت ثقل الأسماء والمصطلحات والمفاهيم والأيديولوجيات. ربما لهذه الأسباب نصادف بشراً يكاد ينحنون على الأرض لالتقاط إنسانيتهم الضائعة؟
تحت وطأة الأرقام
ما كانت تشرئب إليه العيون تحت بند «خبر عاجل»، بات مضجراً اليوم، لفرط تكراره. مشهد القتل أو الزلزال، أو عدد ضحايا انفجار ما، أفقد الموت معناه تحت وطأة الأرقام التي تتجاهل اسم الضحية.
أحلام نجيب محفوظ
لمناسبة مرور مئة عام على ولادة نجيب محفوظ (11/12/1911) نختار هذا الحوار من كتابات «أحلام فترة النقاهة»:«سألت الشيخ عبد ربه التائه:
- متى يصلح حال البلد؟
- فأجاب: عندما يؤمن أهلها بأن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة السلامة».