الأساطيل البيضاء
عبد الرزاق ذياب عبد الرزاق ذياب

الأساطيل البيضاء

مرة أخرى سلعة واحدة تجند كل هذا الكم من المقالات والثرثرات والنزاعات، سلعة جديدة تُخرج البطاطا والبندورة والفروج والبيض من ساحة التلاسن، سلعة بيضاء حلوة المذاق، وأهم ما فيها أن لا (ضرب متة) بدونها، سلعة ناعمة تعيدنا إلى الحديث عن الاحتكار والغلاء، واستغلال ضعاف النفوس لأساسيات مائدتنا الفقيرة.

وتأتي أهميتها ليس من كونها تساعد على ابتلاع فطورنا الثقيل من (المكدوس) واللبنة والجبن البلدي فحسب، وتدخل في تركيب مربياتنا، وفي قهوة صباحنا..أهميتها في أنها ليست منتجاً وطنياً محضاً، ولا تزرع في ديارنا، وتخضع لتفاوت السعر العالمي، والأزمات المناخية، وعلاقات الدول.

تعود مادة السكر كحدث يثير التواصل بين الناس على الأقل أمام أبواب المؤسسات الاستهلاكية التي وعدت بتأمينها دون عناء للمواطنين، هنا يحدث التواصل الاجتماعي الحقيقي، فالكل شركاء في الانتظار، وفي الحاجة، عدا عن ما يمكن أن يبعثه حصول مواطن على كيلو سكر دون آخر، وهنا يشعر الآخر بالغيرة، أما المواطن الأول فيدركه شعور اهتمام مؤسسات التدخل به كمواطن يستحق أن يصرف له السكر..والاهتمام.

ومع ذلك ورغم شكوى البعض بأن السكر غير متوفر في بعض منافذ المؤسسة العامة للخزن والتسويق، وأن سعر الكيلو  في المحلات وصل إلى 60 ليرة، فالمؤسسة رغم ذلك  (تستمر بطرح كميات جديدة من مادة السكر في صالاتها المنتشرة في المحافظات، وفي توفير المادة في المناطق التي لا تتوفر فيها صالات للبيع عبر سياراتها الجوالة)، وأن سعره هو 40 ليرة فقط حسب التصريحات الصحفية لمسؤولي المؤسسة ( إن المؤسسة مستمرة بتأمين السكر الحر بسعر 40 ليرة انطلاقاً من مبدأ التدخل الإيجابي لمؤسسات القطاع العام لتوفير ما يلزم للمواطنين من مواد غذائية بالسعر والجودة المناسبة بما يحقق التوازن السعري في السوق المحلية).

 المؤسسة لم تكتف كعادتها بمنافذها المتوزعة على كامل جغرافية الوطن، بل أنها حسب   التصريحات نفسها (سيرت اليوم الأربعاء) وعلى فترتين سبعين سيارة وشاحنة جوالة تحمل مواد غذائية متنوعة بما فيها مادة السكر).

إذاً: لا حجة لسيل الشكوى..هل من المعقول أن يصل إلى مؤسسة ضخمة في إحدى مدن ريف دمشق فقط كيسين من السكر لتوزيعها على المواطنين، هل تصدق رواية مواطن عن أن موظفي منافذ البيع لا جواب لديهم سوى لا يوجد سكر، ورواية أخرى عن شراكة خفية بين ضعاف النفوس في بعض المؤسسات وبعض التجار، ورواية أخرى مضحكة عن سؤال لمواطن لأحد أصحاب المحلات عن سعر السعر فأجابه بـ 60 ليرة، فقال له المواطن ولكن في الجريدة قالوا 38 ليرة، فأجابه صاحب المحل (اشتري من الجريدة).

عند زاوية كلية الحقوق تقف سيارة ثابتة للخزن والتسويق، وعلى بابها المفتوح لوحة بأسعار المواد التي تتوفر بأقل من سعر السوق بنسبة تصل إلى 35% كحد أقصى، وقلة من المواطنين تقف لتسأل.. الجواب قاله مظفر النواب منذ زمن بعيد (ذنب السكر أن السكر سكر)

آخر تعديل على الجمعة, 11 نيسان/أبريل 2014 18:52