عالم ماركيز على مسرح العرائس
احتفالاً بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيسه، عمل مسرح «ليتل إينجل» البريطاني جنباً إلى جنب مع فرقة «نيهاي» المسرحية في سبيل إدخال قصة «رجل عجوز بجناحين عظيمين»، للروائي الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، إلى عالم العرائس، مما سمح للمشاهدين بالانغماس في الخيال الفريد من نوعه لهذه الرواية القصيرة، وسافر بهم إلى عالم يشبه عالمنا، ولكن ليس تماماً.
تقدم رواية ماركيز مادة غنية المصدر لهذا التعاون بين مسرح «ليتل إينجل» وفرقة «نيهاي»، الذي ينتج عنه عمل فاتن وساحر من الناحية البصرية، يلعب بذكاء بالحجم والمنظور، ويحكي قصة تتناول جوانب الطبيعة البشرية، الحسنة والسيئة منها. إذ تكشف المسرحية عن الجمال وسط القبح، وعن سخاء الصغار وسط جشع الكبار.
وكان تصميم مسرح العرائس، الذي وضعته ليندي رايت، رائعاً. وقد أبدى فريق محركي الدمى، الذي شمل كلاً من سارة رايت وروجر ليد وروث كالكين وريتشل ليونارد، قدراً عالياً من المهارة من خلال تحريكه لنحو 100 دمية بكل سلاسة، مما دفع الجمهور إلى التركيز على الدمية نفسها بدلاً من محركها، كما لو كانت هي التي تتحدث وتتنفس وتتحرك. غير أن عنصر السرد كان مفقوداً في بعض الأحيان، وعلى الرغم من أن التصعيد الموزون يعد جزءاً من متعة عمل يحتاج لأن يتم تذوقه رشفة تلو أخرى، فإن العرض يمر بلحظات تجعله مهدداً بأن يحمل طابعاً جنائزياً. ولكن بصرف النظر عن تلك الهنات، فإن هذا العرض يمثل عملاً ناضجاً يستحق المتابعة، أبدعته فرقتان مسرحيتان نجحت كل منهما في إبراز أفضل ما عند الأخرى، وفي استكشاف التناقضات التي تحفل بها الطبيعة البشرية.