دمعة الحياة

دمعة الحياة

إن التعبير بملامح الوجه أفصح بكثير من أي لسان، وقد تظهر على أي وجه في الوقت نفسه تعابير متعارضة أو متناسقة ومتصلة ببعضها البعض، عندها يتولد توافق المشاعر وبتناسقها الذي يتمثل جوهره بمظهرها بآن واحد، لكن التعابير الآنية هذه عندما تظهر لا يمكن الإفصاح عنها كلامياً وقد حدث أن قامت الممثلة بـ: بم بم بم........

آه آه.. لا أستطيع أن أرى شيئاً، دخان رمادي يحيط بي، رائحة غريبة تملأ أنفي، أصوات صراخ لا أفهم منها شيئاً يدلني على ما حدث. أشعر بألم في كتفي وصدري، هناك شيء أستطيع رؤيته وهو بريق ضوء في زاوية غرفتي، أمعنت النظر لعلني أفهم...
يا الله، إنه انعكاس ضوء قادم من جدار لم يعد له وجود، على قلمي الفضي الذي كنت أكتب به.
 لا لا... ها هي يدي تمسك بالقلم وتبتعد أمتاراً عن جسدي أغلق عيني، لم أعد أستطيع التحمل أكثر.
أعلم أني أدخل الآن سرداب ظلام أجهل مساره ونهايته.
أصوات تتعالى، ساعدني، «شيل معي».
صوت بكاء وولاويل: «حطوه بالكيس يا شباب»، صوت آخر: «خلونا نتأكد من نبضه».
آه «حطوه بالكيس» ليتهم جلبوا إلي يدي. من أعطاهم الحق بتركها. ألم يروا بريق القلم!!
أصوات سيارات الإسعاف تتعالى وأنا أغفو ثانية داخل السرداب المظلم... أوف ما أشد البرد، أكاد اتجمد هنا. أين أنا؟ هل وصلت إلى نهاية السرداب؟
صوت (1): «معو كان شي هوية؟».
صوت (2): «لأ ما شفنا شي معو».
صوت (1): «كان لحالو بالبيت؟».
صوت (2): «أية لحالو، نزلت القذيفة على حيط بيتو».
صوت (1): «لا حول ولا قوة إلا بالله، حطولوا رقم».
أصرخ بصمت: «ياناس أنا عايش وعم أسمعكن أعلم بأن يدي اليمين قد قطعت وأعدكم بأني سأكتب بيدي الأخرى..».
أمهلوني بضعة أيام.. ها أنا أشعر بشيء يحك أصبع قدمي، لم يعد صراخ الصمت ينفعني، أقاوم ظلام سردابي، أتشنج بكل قواي.
صوت (2): «دكتور حرك أصبع رجلو».
صوت أقدام تقترب مني، اعتصر جهداً، محاولاً تحريك ولو عضلة من عضلات وجهي.
صوت (1): «شو هالحكي عم يبكي هادا عايش يازلمة خذوه بسرعة إلى الإنعاش».
شكراً لك يا دمعتي وأنا عند وعدي سأكتب بيد اليسرى أمهلوني بضعة أيام فقط.