عن ثقافة علبتها الحداثة
حازم أبو السعد حازم أبو السعد

عن ثقافة علبتها الحداثة

عندما‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعزف‭ ‬أحدهم‭ ‬ليخيفها‭.. ‬‮«‬مثقفو‭ ‬الحداثة‮»‬،‭ ‬مشكلتهم‭ ‬أنهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬النواة‭ ‬الفكرية‭ ‬لمستقبل‭ ‬ثقافتنا‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬خارج‭ ‬زمنهم‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭ ‬المفترض،‭ ‬ربما‭ ‬كون‭ ‬معظمهم‭ ‬أسيراً‭ ‬لثقافة‭ ‬أنتجها‭ ‬مثقفون‭ ‬ليسوا‭ ‬بعرب‭.‬

 

معظمهم‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬الحداثوية‭ ‬الغربية،‭ ‬ويتبنى‭ ‬أطروحاتها‭ ‬ورؤيتها‭ ‬وحلولها‭ ‬كقاطر‭ ‬ثقافي‭ ‬يحقق‭ ‬مدنية‭ ‬مفترضة‭ ‬تنتشلنا‭ ‬من‭ ‬‮«‬بداوتنا‮»‬،‭ ‬ويصدّر‭ ‬الحداثة‭ ‬بصيغتها‭ ‬الأوربية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬توأم‭ ‬ناضج‭ ‬لمفاصل‭ ‬ثورية‭ ‬من‭ ‬رؤيتنا‭ ‬التراثية‭ ‬كعرب،‭ ‬ويتسابقون‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬أي‭ ‬طرح‭ ‬غربي‭ ‬جديد‭ ‬يعالج‭ ‬مفهوم‭ ‬الحداثة‭ ‬ويعيد‭ ‬منهجتها‭ ‬معتنقين‭ ‬نتائجه‭ ‬الفكرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬غير‭ ‬آبهين‭ ‬بتباين‭ ‬ملامح‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬التجربتين‭ ‬العربية‭ ‬والغربية،‭ ‬واختلاف‭ ‬الزمن‭ ‬الثقافي‭.. ‬

تنطلق‭ ‬الحداثة‭ ‬–بعيداً‭ ‬عن‭ ‬اللعبة‭ ‬الألسنية‭ ‬المصوغة‭ ‬لزخرفتها‭-  ‬من‭ ‬تجديد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قديم‭ ‬ليلائم‭ ‬التطور‭ ‬الناجم‭ ‬باعتبار‭ ‬الحدث‭ ‬الثقافي‭ ‬عاملاً‭ ‬تابعاً‭ ‬أو‭ ‬كمجدد‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اعترفنا‭ ‬بكون‭ ‬الثقافة‭ ‬عاملاً‭ ‬دافعاً‭ ‬وأساسياً‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التطور‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬البنى‭ ‬الفوقية‭ ‬والتحتية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬المباشر‭ ‬لأثر‭ ‬ودور‭ ‬الثقافة‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يهاجمه‭ ‬حداثيونا‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬أدبياتهم‭ ‬ولغتهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬أي‭ ‬عصبة‭ ‬فكرية‭ ‬أخرى‭ ‬تطبقه‭ ‬بحذافيره‭ ‬مثلما‭ ‬يطبقونه‭.‬

وهم‭ ‬الوعي‭.. ‬

ينقد‭ ‬الحداثي‭ ‬العربي‭ ‬وعي‭ ‬مجتمعه‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الجلاد،‭ ‬يفصل‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭ ‬المتأثر‭ ‬ثقافياً‭ ‬كما‭ ‬يسمونه‭ ‬ويقصدون‭ ‬به‭ ‬عموم‭ ‬الشعب‭ ‬ويتربع‭ ‬على‭ ‬عرشه‭ ‬ليقيم‭ ‬‮«‬جهل‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬وتخلفه،‭ ‬يغترب‭ ‬الحداثي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬حقه‭ ‬وعلة‭ ‬وجوده‭ ‬ولا‭ ‬يعترف‭ ‬بالتمزق‭ ‬الذي‭ ‬يحياه،‭ ‬التمزق‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬عجزه‭ ‬في‭ ‬قوننة‭ ‬طرحه‭ ‬الثقافي‭ ‬بما‭ ‬يناسب‭ ‬واقعه،‭ ‬يحبذ‭ ‬الحداثي‭ ‬عندنا‭ ‬المصطلحات‭ ‬المعقدة‭ ‬المستحدثة‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الأنكلوفرانكوفونية،‭ ‬ويحاول‭ ‬مراجعة‭ ‬وتحليل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬انتفاضة‭ ‬الطلاب‭ ‬الفرنسيين‭ ‬في‭ ‬1968‭ ‬أو‭ ‬تفسير‭ ‬ولع‭ ‬القاهرة‭ ‬بالفول‭ ‬استناداً‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬‮«‬رولان‭ ‬بارت‮»‬‭ ‬للبنيوية‭ ‬وتفكيك‭ ‬‮«‬دريدا‮»‬‭ ‬للابتكار،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تقييم‭ ‬مباريات‭ ‬الدوري‭ ‬التونسي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬نسقية‭ ‬‮«‬بورديو‮»‬‭ ‬وفهم‭ ‬ارتهان‭ ‬اليمن‭ ‬التاريخي‭ ‬للقات‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كشف‭ ‬نفسي‭ ‬لكريشنامورتي‭ ‬أو‭ ‬بيرمان‭ ‬أوهارفي‭ ‬ديفيد،‭ ‬الحداثي‭ ‬العربي‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬رجعياً‭ ‬أمام‭ ‬واقع‭ ‬شعبه‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬‮«‬الأغلبية‭ ‬غير‭ ‬المثقفة‮»‬‭ ‬مسؤولية‭ ‬تخلفه،‭ ‬الشعب‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬كشف‭ ‬الحداثي‭ ‬لذاته‭ ‬وممارسته‭ ‬لعاداته‭ ‬المستوردة‭ ‬بعناية،‭ ‬ولذا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬‮«‬إرهاباً‭ ‬ثقافياً‮»‬‭ ‬بحق‭ ‬هذه‭ ‬الغوغاء‭ ‬من‭ ‬عمال‭ ‬وفلاحين‭ ‬وجنود‭ ‬وأطباء‭ ‬و‭ ‬أدباء‭ ‬وعاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لم‭ ‬يحدثوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬هو،‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬أن‭ ‬ينسلخوا‭ ‬عن‭ ‬السيرورة‭ ‬التاريخية‭ ‬لمجتمعاتهم‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬مفاعيل‭ ‬الاشتباك‭ ‬الطبقي‭ ‬الصرف،‭ ‬لم‭ ‬يقرأوا‭ ‬الشعر‭ ‬الرصفي‭ ‬ولم‭ ‬يكتبوا‭ ‬ميكانيكياً‭ ‬ولا‭ ‬يرون‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬‮«‬مبولة‮»‬‭ ‬نبينا‭ ‬الحداثي‭ ‬قرآنه‭ ‬ليس‭ ‬مكتوباً‭ ‬بلغتنا،‭ ‬ولذا‭ ‬سندخل‭ ‬جميعاً‭ ‬جحيمه‭ ‬و‭ ‬نعذب‭ ‬عقاباً‭ ‬لنا‭ ‬على‭ ‬جهالتنا‭ ‬وصنميتنا‭ ‬وجمودنا‭ ‬العقائدي‭ ‬وبرودتنا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬نتاجه‭ ‬المتفوق‭.‬

في‭ ‬نقده‭ ‬للخشبية‭ ‬المتأصلة‭ ‬ينسى‭ ‬صاحبنا‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬اتخذ‭ ‬خيار‭ ‬التحرك‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬الحداثيون‭ ‬الغربيون‭ ‬مشغولين‭ ‬بترقيع‭ ‬أزمة‭ ‬المركز‭ ‬الرأسمالي‭ ‬وخلق‭ ‬تناقضات‭ ‬ثانوية‭ ‬عابرة‭ ‬للانتماءات‭ ‬ليكرسوا‭ ‬عقم‭ ‬شعوبهم،‭ ‬وعندما‭ ‬حاول‭ ‬الالتحاق‭ ‬بركب‭ ‬الحراك‭ ‬المحلي‭ ‬وجد‭ ‬الأمر‭ ‬مستحيلاً،‭ ‬فأصبح‭ ‬مرة‭ ‬إسلاموياً‭ ‬ليبرالياً‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬قومياً‭ ‬معولماً‭ ‬وظلت‭ ‬الماركسية‭ ‬طبعاً‭ ‬عدوه‭ ‬اللدود،‭ ‬لا‭ ‬للشمولية،‭ ‬لا‭ ‬لعبادة‭ ‬الفرد،‭ ‬عليه‭ ‬أولاً‭ ‬أن‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬عبادة‭ ‬ذاته‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬كقطيع‭. ‬لم‭ ‬يبيئ‭ ‬الحداثي‭ ‬العربي‭ ‬حداثته‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬الزوايا‭ ‬ظلمة‭ ‬من‭ ‬تراثنا‭ ‬مخرجاً‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬عقم‭ ‬طرحه،‭ ‬استسهل‭ ‬قلب‭ ‬التراث‭ ‬وتزيفه‭ ‬لمصلحة‭ ‬ارتمائه‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الهيئات‭ ‬الغربية‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬تحديداً‭ ‬داخل‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬جغرافية‭ ‬وطنه‭ ‬–‭ ‬وهنا‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحداثي‭ ‬يحطم‭ ‬الرموز‭ ‬والمقدسات‭ ‬لكنه‭ ‬يقبض‭ ‬راتبه‭ ‬بالدولار‭- ‬تفانيه‭ ‬العدمي‭ ‬في‭ ‬مهاجمة‭ ‬المنظومات‭ ‬القيمية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والمسلمات‭ ‬التاريخية‭ ‬للمفاهيم‭ ‬العليا‭ (‬الوطن،‭ ‬الحب،‭ ‬المقاومة،‭ ‬الصداقة،‭ ‬الإخلاص‭.. ‬إلخ‭) ‬وسيلته‭ ‬للبراءة‭ ‬من‭ ‬مأساة‭ ‬شعبه‭ ‬وطريقته‭ ‬الدونية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬تفوق‭ ‬ومثالية‭ ‬وحضارية‭ ‬الآخر‭ ‬المستعمر‭.‬

لكم‭ ‬حداثيتكم‭ ‬ولنا‭ ‬شعوبنا‭...‬

لم‭ ‬يقم‭ ‬هؤلاء‭ ‬بدورهم‭ ‬كمثقفين،‭ ‬وكماركسي‭ ‬جامد‭ ‬ونمطي‭ ‬ومدقع‭ ‬بالخشبية‭ ‬أرى‭ ‬الأمر‭ ‬كالتالي‭: ‬يحاول‭ ‬المثقف‭ ‬المعزول‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬الأفكار‭ ‬وتنوع‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة،‭ ‬أن‭ ‬ينتقي‭ ‬لنفسه‭ ‬هالة‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬يبني‭ ‬ركائزها‭ ‬على‭ ‬فرضية‭ ‬هشاشة‭ ‬الذهن‭ ‬العام،‭ ‬ووسيلته‭ ‬هي‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوعي‭ ‬الجمعي‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬الإيهام‭ ‬والشعائرية‭ ‬الصاخبة،‭ ‬التي‭ ‬يشرعنها‭ ‬خطاب‭ ‬هذا‭ ‬المثقف‭ ‬بمنبريته‭ ‬المثيرة‭ ‬لغرائز‭ ‬الجمهور‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تجريده‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬العقل‭ ‬والنظرة‭ ‬الموضوعية‭. ‬إن‭ ‬المتغيرات‭ ‬السريعة،‭ ‬في‭ ‬أدوات‭ ‬العمل‭ ‬والفكر،‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬ثورة‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭ ‬والإعلام،‭ ‬وانتشارها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬واختراقها‭ ‬لسلطة‭ ‬الدول‭ ‬وحدود‭ ‬الجغرافيا،‭ ‬وضعت‭ ‬المثقف‭ ‬الحداثي‭ ‬ومشروعه‭ ‬الثقافي‭ ‬اليوتوبي‭ ‬‮«‬الطائفي‭ ‬الاثني‭ ‬القومي‭ ‬الليبرالي‭ ‬اللاطبقي‮»‬‭ ‬في‭ ‬خانق‭ ‬ضيق‭ ‬وطريق‭ ‬مسدود،‭ ‬خصوصاُ‭ ‬بعد‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬صقل‭ ‬حراك‭ ‬شعبه‭ ‬وحمايته‭ ‬وتشكيل‭ ‬أطره‭ ‬الثقافية‭ ‬المنقذة‭. ‬لقد‭ ‬أنتجت‭ ‬تلك‭ ‬الثقافة‭ ‬الحداثية‭ ‬اللقيطة‭ ‬دعاة‭ ‬ثقافيين،‭ ‬يمتازون‭ ‬بنرجسية‭ ‬عالية،‭ ‬وتعالٍ‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بتقبل‭ ‬النقد،‭ ‬ويمنع‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف‭ ‬من‭ ‬مناقشة‭ ‬ما‭ ‬يفكرون‭ ‬به،‭ ‬كل‭ ‬حواراتهم‭ ‬تتلخص‭ ‬بمهاجمة‭ ‬هذا‭ ‬الآخر،‭ ‬وتشويه‭ ‬صورته،‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة‭ ‬والمبتكرة،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حاول‭ ‬النظر‭ ‬بزاوية‭ ‬مغايرة‭ ‬إلى‭ ‬مشاريعهم‭ ‬وأفكارهم،‭ ‬التي‭ ‬منحوها‭ ‬الحق‭ ‬المطلق‭ ‬بتمثيل‭ ‬الحقيقة‭. ‬إنهم‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الجمهور‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مريدون‭ ‬وتابعون‭ ‬لشخوصهم‭ ‬الثقافية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬مثقف‭ ‬جمهوراً‭ ‬وأنصاراً،‭ ‬لكن‭ ‬القضية‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الجمهور‭ ‬موجوداً‭ ‬لكي‭ ‬تشبع‭ ‬رغباته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬زبون‭ ‬يجب‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬راحته‭ ‬وابتهاجه‭ ‬ودونيته‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الحاجة،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬موجود‭ ‬حتى‭ ‬يقابل‭ ‬بالتحدي‭ ‬ويعامل‭ ‬معاملة‭ ‬الأنداد‭ ‬ويؤخذ‭ ‬برأيه‭ ‬وبهواجسه‭ ‬وطموحاته‭. ‬عندما‭ ‬يحل‭ ‬هم‭ ‬إرضاء‭ ‬جمهور‭ ‬نخبوي‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬رب‭ ‬عمل‭ ‬أمريكي‭ ‬ما،‭ ‬محل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المثقفين‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬‮«‬الجهلة‮»‬‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬عبر‭ ‬التفكير‭ ‬والنقاش‭ ‬الجدليين‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬وتكوين‭ ‬الآراء‭ ‬تكون‭ ‬وظيفة‭ ‬المثقف‭ ‬قد‭ ‬ثبطت‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬مثقف‭ ‬حداثي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬حداثي،‭ ‬هناك‭ ‬فقط‭ ‬بهلوان‭ ‬مصطلحي‭ ‬ذاتي‭ ‬يمتهن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬‮«‬لهم‭ ‬حداثيتهم‭ ‬ولنا‭ ‬شعوبنا‮»‬‭.‬