بالزاوية : سقط القناع عن القناع
ما الذي يمكن أن يعكسه السجال الحالي حول السيدة فيروز وتصريحات زياد الرحباني على جبهة الفن والمثقفين وفي المجتمع عموماً؟ ولماذا يبرز دور الفنان أو المثقف «الفرد» في بعض المحطات كدور خطير ونوعي يمكن أن يتم الاصطفاف على أساسه؟
بل يمكن أن يظهر الموقف الفردي «من حيث الشكل» كعامل حاسم في فرزه للجبهات والمواقف لاحقاً!
تناولت الوسائل الإعلامية ومعها وسائل التواصل الاجتماعي تلك المسألة بكثير من الاهتمام، ولكن لم يتجاوز في معظم الأحيان حدود هذا الموقف «سياسياً»، صحيح أن المسألة لها أبعاد سياسية مباشرة وواضحة الاتجاهات، إلا أن عمق هذه «المعركة» لم يتكشف بالكامل، وعلى أهمية بعض ما كتب أو قيل فلا يزال هناك الكثير ليقال في هذا الشأن، لأن الاصطفاف بشكله الحالي والقائم في مظهره السياسي أساساً على الموقف من مسألة المقاومة والدفاع عنها أو تبني نهجها وعلى المسائل المتعلقة بالتغيرات في العالم العربي، والأزمة السورية ومشكلاتها المختلفة، لم يكتمل بعد ويمكن أن يكون مضللاً إذا اقتصر على هذه العناصر وبجوانبها العامة فقط.
لكن هذا الاصطفاف مرشح لأن يتطور ويأخذ أشكالاً أخرى أعمق مع إضافة عناصر أخرى بفعل عوامل موضوعية أساساً، على أن دور العامل الذاتي في رسم شكل الاصطفافات سيرتفع كلما تعمق الفرز.
يقول الكاتب الروسي «أنطون تشيخوف»: «إن المعارك التي يفتحها الفنانون الحقيقيون وتوقيتها في ظروف التحولات، ليست فقط إعلاناً أو تذكيراً مستمراً بعدم حياديتهم، بل هي تحسس لحرارة المجتمع وعمق أزمته في لحظة تزج جميع الناس في معركة قاسية ستغير كل شيء، مع سقوط كل الأقنعة والوجوه المزيفة».
بعيداً عن السجال بشكله الحالي فإن إعلان هذه «المعركة» من قبل شخصية من وزن زياد الرحباني قد بدأ فعلاً بإجراء فرز واضح لن يكون من ثماره الوحيدة فرز المثقفين وكشف زيف اليسار «الاسمي» فقط بل وسقوط أسماء كانت حتى الأمس القريب لا تزال تتلحف عباءته.