دراما الأزمة.. قراءة أولية
تحاول مجموعة من الأعمال الدرامية الرمضانية السورية مقاربة الحدث السوري من زوايا نظر متباينة، والمشترك بينها جميعاً محاولتها تقديم رؤية موضوعية ومقنعة حول ما يجري.. فهل استطاعت فعل ذلك؟
ربما من المبكر تقديم أحكام نهائية حول مجمل المسلسلات السورية التي يجري عرضها في رمضان، والتي تحاول عكس الواقع السوري ومعالجته درامياً، وبين تلك المسلسلات (منبر الموتى)، (سنعود بعد قليل)، (وطن حاف). لكن ما يلفت النظر بداية، أن هذه المسلسلات الثلاثة على الأقل، لا يمكن وضعها في سلة واحدة، حيث يخرج (وطن حاف) من السباق بعد الحلقة الأولى، لأنه يعد نكوصاً كبيراً عن المستوى الذي وصلت إليه الدراما السورية من جميع النواحي الفنية وخاصة من ناحية النص وما يعاب على هذا العمل من سطحيته الشديدة في المعالجة، الأمر الذي دفع البعض إلى تسمية العمل (دراما قناة الدنيا)..
في المقابل فإن مسلسل (منبر الموتى) الذي قدم في حلقاته الأولى معالجة عميقة لنواحٍ متعددة من الأزمة وتحديداً عمل الأجهزة الأمنية ودرجة فسادها وارتباط بعض أفرادها بالخارج أحياناً، سرعان ما دخل في الإطار الهوليودي حين وصل إلى معالجة المظاهرات فالتزم رواية (الجزيرة) في مقابل تبني (وطن حاف) رواية (الدنيا)..
إنّ ما يدعو إلى التمهل والتسامح مع عدم قدرة الدراما السورية على عكس جوهر الأزمة التي نعيشها هو أن تلك الأزمة لما تنته بعد، هذا من جهة. ومن الجهة الأخرى فإن النخب (المثقفة) التي عالجت الموضوع من وجهة نظر المعارضة والموالاة بتوصيفهما السطحي والمؤقت الرائج حالياً، إن هذه النخب نفسها مؤقتة..! والقراءات العميقة والموضوعية لأزمة بهذا الحجم لن تتم في القريب العاجل، ولكنها ستأخذ وقتها وربما تحتاج إلى سنوات عديدة حتى تتحول إلى فن حقيقي..