احمل سريرك واتبعني..
اليوم: الجمعة، التوقيت: الساعة الثامنة صباحاً، استيقظ وأتجه نحو زاوية المطبخ لأعد قهوتي، أصبها في فنجاني المشعور، وأتجه إلى سريري، لا تستغربوا قصر المسافة فمنزلي عبارة عن غرفة واحدة، نعم أربع جدران ونافذة، ونافذتي هذه كانت قد تحطمت منذ شهرين جراء قذيقة سقطت بالقرب من بيتي،
وبعد إصلاح الزجاج قمت بلصقه من المحيط والوسط، وبما أن سريري تحت النافذة التي أخشى شظاياها، فمن الأنسب أن أبدل مكانه، نعم ها أنا الآن أضعة قرب المطبخ، أسير إلى وسط الغرفة لأرى، فمن الغباء أن يوضع هناك، أنقله إلى الجهة المقابلة، وإذ بباب بيتي يسد، أنقله إلى الجهة الأخرى، ما بك؟ ألست أنت من درس الديكور وتعلم قدرته على إغناء حياة الأشخاص، ماذا حل بك؟ أستلقي على سريري مسترجعاً بذاكرتي ما مضى من أيام.
منذ ستة أشهر تم إيقافي ثلاثة أيام بعد خلاف بيني وبين أحد اللجان الشعبية، والحمد لله أن رئيس المخفر أقرّ بأنني أكبر من أن أُهان من قِبَل ولد، فأخلى سبيلي، وبعد أيام خطفت من قبل إحدى العصابات ولمدة سبعة عشر يوماً، وما يزال ظهري يشهد على قبح جلّادي، وبشاعة سجّاني، ومن حطّم أسناني الستة تحت أقدامه، كان عليّ أن أٌقِرّ وأعترف، بماذا لا أعرف، فهم من المفترض أن يكونوا إخوتي!! نعم سوريون مثلي، على عكس ما يحاول إعلامنا التركيز عليه ووصفهم بالأجانب!! لا أنكر فالبعض منهم أجانب، لكن الأغلبية أبناء وطني، وهنا أوجه أصبعي للإعلام السوري قائلاً وبصوت مرتفع: لا تخدع من يعيش الواقع بل ابحث عن سبب عنفهم هذا، ومَن يقف وراء أفعالهم؟ أعلم بأنهم يرتدون لباس دين ممزق يحلل لهم تعذيبي.. ألم يُنسج ويُيخيّط لباسهم الممزق هذا في بلدي؟ نعم نسج الدين لباسهم الممزق هنا على أرضي وتمت حياكته بمعامل الفساد وعلى أيدي الفاسدين والجاهلين مدّعي الثقافة والمعرفة، هاتان الكلمتان اللتان كرههما جلادي وسجاني، أصرخ وأنتفض من على سريري، حي على الصلاة... حي على الحوار.... ولتكن المائدة المستديرة منبرهم، ولنعترف بأخطاء الماضي، حينها سنقبل بحوار الحاضر. وليكن إشفاقي على كل جلاديي أقوى من حقدي. ها أنا أنهض، أعيد سريري إلى مكانه قرب النافذة، فأشعة الصباح هي المنبه الذي أستيقظ عليه كل يوم لأبدأ نهاري، نهارٌ تعتمه ستارة سوداء من ظلام الليل، أغلق عندها أجفاني لأحلم بأشعة صباح ليوم أفضل.