الجنوب يتوغل شمالاً
غزت الولايات المتحدة الأمريكية، وما زالت تغزو العالم بأسره تقريباً. ومنذ العام 1947، تسمى وزارة حربها «وزارة الدفاع»، وميزانيتها الحربية التي لا تقارن بمثيل تسمى «ميزانية الدفاع». وأكوامٌ من الأفلام الوثائقية والبرامج والعروض تموَّل لتصوير هذه الإمبريالية المنفلتة من كوابحها كأمة «منتصرة» بالضرورة ودائماً.
لكن اسماً واحداً لا يزال يعكر «صفو» التاريخ الإمبراطوري. بانتشو بييّا. هذا المكسيكي الذي «لم ينم فوق ثأره»، فبعد أن تجاوزت الإمبراطورية حدّها، اجتاز بانتشو الحدود في عام 1916 وأحرق مدينة كولومبس، وقتل بعض الجنود، واستولى على بعض الخيول والذخائر، وفي اليوم التالي رجع إلى المكسيك. هذا التوغل السريع لخيالة بانتشو بييّا هو الغزو الوحيد الذي تعرّضت له الولايات المتحدة في تاريخها. وعندما سألوه «ماذا بعد؟»، لم يكن كثير التردُّد:
ـــ «ما أعرفه هو أن حكام الشمال هؤلاء يجب ألا يشمّوا مذاق الراحة في أراضينا».