«أدب الطفل»... من يراقبه؟
انتشرت أخيراً أعداد من الجوائز العربية المخصصة لأدب الطفل، ما دفع الكثير من الكتاب إلى التأليف في هذا النمط من الكتابة، لكن هذا الاندفاع أو الطفرة في أدب الأطفال، لم يواكبه نقد أو رصد حقيقي يساهم في تركيز أسس متينة لأدب الطفل.
يقول الكاتب والشاعر أحمد فضل شبلول «لا يزال أدب الأطفال مهمشاً في معظم الدول العربية، وينظر إليه على اعتباره من الدرجة الثانية أو الثالثة، ومن هنا فإن المواكبة النقدية لهذا الأدب تكاد تكون معدومة، إلا من بعض الدراسات والرسائل العلمية القليلة جداً للحصول على درجة الماجستير. أما النقد العام فهو بعيد جداً عن هذا المجال، ويرجع السبب إلى قلة المنابر الإعلامية المخصصة لأدب الأطفال وثقافتهم العامة، سواء في مجال الصحافة من جرائد ومجلات أو قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية جيدة».
ويضيف شبلول: «لاحظت أن مجلات الأطفال، على قلتها، مغلقة على أسماء معينة، سواء من هيئة التحرير أو الكتاب الخارجيين، ولا أريد أن أقول إن هناك شللاً معينة لدى كل مجلة، ولكن أقول إن تلك المجموعات لا تريد لأحد أن يقتحمها ويغير مفاهيمها الثابتة حول كتابات قد تكون عفى عليها الزمن. ومن هنا يقع العبء أيضاً على كتّاب الأطفال أنفسهم، الذين يعتمد معظمهم على قصص معادة وحكايات مكررة سواء من قصص التراث، وبخاصة من ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وحكايات جحا وغيرها، أو القصص العصرية، دون تقديم اللمحة الجديدة والطريقة الذكية لطفل اليوم الذي يختلف تماما عن طفل الأمس».
ويتبنى كاتب الأطفال محمود قاسم وجهة النظر السابقة ويضيف قائلاً: «بالنسبة إلى النقد الأدبي هنالك فارق بين الأدب وبين ثقافة الطفل، حيث أن أغلب الكتابات السائدة هي تبسيط للقصص التراثية العالمية، وتبسيط للعلوم وقصص التاريخ. أما أدب الأطفال فمن يكتبه قليلون للغاية منهم محمد المنسي قنديل الذي لم يتم الالتفات إليه في هذا الشأن، وللأسف فإنه ليست لدينا صحافة لأدب الطفل، وعندما يتصادف ويقوم الناقد بالكتابة عن رواية للأطفال فإنه ينشرها في مكان مخصص للكبار كقراء، وليست لدينا مساحات نشر يقرأ فيها الصغير نقداً لكتاب يهمه».
ويقول القاص أحمد طوسون: «ربما تجاهل النقد الكتابات الموجهة للطفل وخاصة في البدايات، ويرجع ذلك إلى أن الكثير من الكتابات كانت إما مأخوذة عن نصوص أجنبية وتم تعريبها وإما أنها إعادة إنتاج للموروث وبخاصة حكايات ألف ليلة وليلة وكتاب كليلة ودمنة وإما كان الاعتماد فيها على الأساطير والقصص والحكايات الشعبية كمصادر للنصوص الموجهة للطفل، ولم تكن نصوصا أصلية من وحي وإبداع كُتابها، أو على شكل ألغاز ومغامرات تهدف إلى التسلية دون إضافة حقيقية إلى الفن والشكل الأدبي. ولعل أغلب الكتابات النقدية اهتمت بالجوانب التربوية وعلم نفس الطفولة في أدب الطفل، ولم تعط الاهتمام نفسه للنواحي الفنية والبناء الفني».
أما الكاتب والإعلامي هشام علوان فيتهم النقد عموماً بالتقصير، ويؤكد أن: «غياب المتابعة النقدية للأعمال الأدبية المقدمة عموما، هو تقصير من النقاد، فلا الرواية أو الشعر أو القصة أو المسرح يتم متابعتها بشكل منهجي يفيد الإبداع. ويرجع الأمر إلى أسباب تتعلق بكثرة الإصدارات يوميا، وغلاء سعر الكتاب، وقلة الوقت». وحتى لا يبدو متشائماً، يضيف: «ومع ذلك فإن جهوداً حثيثة لنقاد أكاديميين ومبدعين تدعونا إلى التفاؤل في ما يقدم لأدب الطفل في مصر و الوطن العربي».
ويشاركه الرأي القاص وائل وجدي، حيث يرى أن مجال الكتابة للطفل يجتذب كتاباً كثيرين، وهو نفسه قدم مجموعتين للطفل بعد ثماني مجموعات للكبار وأربع روايات، ويؤكد أن ثمة زخماً يفعم المشهد الإبداعي الموجه للطفل قصة ومسرحاً وشعراً، وثمة طفرة يشهدها كتاب الطفل من ناحيتي الإخراج ومستوى الطباعة، ويرجع ذلك إلى إحساس الكاتب والناشر بمدى حاجة الطفل إلى كتاب يجتذبه من براثن ألعاب الإنترنت، لكن النقد الشحيح، سواء لكسل النقاد وتقصيرهم في المتابعة، أو لقصر بعض الأقلام النقدية على أصحاب الحظوة يصيب الكتاب عموماً ومن يكتبون للطفل خصوصاً بالإحباط، هذا فضلاً عن مشاركة الإعلام النقد في التهميش.