«يوم العجوز».. عند الأمازيغ!
استهانت امرأة عجوز بقوى الطبيعة، فاغترت بنفسها، وأرجعت صمودها أمام برد الشتاء وقسوته إلى قوتها ولم تشكر السماء، فغضب «يناير» رمز الخصوبة والزراعة من تصرفها، وطلب من «فورار» أن يقرضه يوماً حتى يعاقب العجوز على جحودها، فحدثت عاصفة شديدة أتت على خيرات أرض العجوز.
هذه إحدى الحكايا الإسطورية في الثقافة الشعبية الأمازيغية المرتبطة بالاحتفالات التي تتضمن إحياء عدد من الأنشطة الثقافية المتعلقة بالتقاليد المميزة للأمازيغ، وقد احتفل السكان الأمازيغ في دول شمال أفريقيا يوم 12 كانون الثاني 2017 برأس السنة الأمازيغية ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺩﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺮﻭﺭ 2967 ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻲ الذي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺘﻬﺎ ﺍلبشرية.
مايزال بعض السكان من شعب الأمازيغ يستحضرون هذا اليوم الذي أطلقوا عليه «يوم العجوز»، ويعتبرونه يوماً للحيطة والحذر، ويفضلون عدم الخروج فيه للرعي مخافة «عاصفة شديدة». ﻭﻳﻜﺮﺳﻮﻧﻪ للاﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﻭﺨﻴﺮﺍتها ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ.
وتذهب روايات أخرى إلى أن هذه الاحتفالية ارتبطت بواقعة هزم الأمازيغ للمصريين القدامى واعتلاء الزعيم «شيشانق» العرش الفرعوني، بعد الانتصار على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة. وتوثق بعض النقوش التاريخية المحفورة على عدد من الأعمدة في أحد المعابد بمدينة الأقصر المصرية لهذا الحدث، وبعد ذلك بدأ الأمازيغ يخلدون كل سنة ذكرى هذا الانتصار، الذي أصبح يوم رأس السنة الأمازيغية.
ويعتبر شهر يناير أول شهور هذه السنة، وهو مشتق من عبارة أمازيغية مركبة من كلمتين هما يان وتعني الأول، وأيور ومعناها الشهر، فتصبح «الشهر الأول»، أول الشهور في التقويم الأمازيغي.
استعمل الأمازيغ هذا التقويم قبل 951 ق م، ويستمد هذا الاحتفال أهميته عندهم من رمزية الاحتفال بالأرض والفلاحة، إذ يعبر عن التفاؤل بسنة خير ووفرة على الفلاحين، وعلى الناس عموماً، ومن يحتفل بهذا اليوم سيحظى بسنة سعيدة وناجحة، حسب اعتقادهم.
ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻃﻘﻮﺱ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ في ﺷﻤﺎﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ، وحسب ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ المختلفة في اﻟﺒﻠﺪ ﻭﺍﺣﺪ. ومع ذلك توجد بعض التقاليد المشتركة ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ، تتمثل ﻓﻲ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﻭﺟﺒﺎﺕ طعام ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻷﺧﺮﻯ .
ويبقى ﺍﺣﺘﻔﺎﻝ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺗﺸﺒﺜﻬﻢ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﻭﺧﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭيبدو ذلك واضحاً من خلال طقوس الاحتفالات حيث يتم ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻻﺕ الشعبية ﻭﺍﻟﻮﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻭﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﻻﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺒﻮﺏ ﻭﺧﻀﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، يشكل ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻡ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﻐﻨﻰ ﻭﺧﺼﻮﺑﺔ ﻭﻭﻓﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﻝ.