إلمو ليونارد.. الحكواتي المدهش
اسكندر حبش اسكندر حبش

إلمو ليونارد.. الحكواتي المدهش

غيّب الموت نهار الثلاثاء الماضي الكاتب الأميركي إلمور ليونارد عن عمر 87 عاما في منزله بدترويت (ميتشيغن) وفق ما أشار إليه الموقع الالكتروني الخاص بالكاتب، وهو الذي وصفه النقاد بوريث همنغواي وجون شتاينبك وجيمس كاين، تاركا وراءه أكثر من أربعين كتابا، تحول قسم كبير منها إلى أفلام سينمائية عرفت النجاح بدورها.

 وإذا دلت هذه التسمية على شيء، فإنها تدل على المكانة التي عرفها الراحل في عالم الأدب الأميركي والنجاح الذي جعله يتبوأ هذه المكانة.
ولد ليونارد في «نيو أورليانز» العام 1925، وتتلمذ على الكتابة في مدرسة «البالبز» أي في تلك المجلات الشعبية «المخيفة» التي كتب لها مطولا العديد من قصص الويسترن كما «القصص القاسية» والألغاز البوليسية، وكان يقبض أجره عليها على كل كلمة، من هنا اشتهرت عنه عبارة عائدة إلى تلك المرحلة «لم أحص يومها شرائط الآلة الطابعة، الكثيرة، التي استهلكتها في سنوات تشكلي تلك». من هنا أطلق عليه أيضا لقب «الدوتش» (الألماني) ربما لأن أعماله تجاوزت الأربعين كتابا، ما جعله يحوز العام الماضي (2012) الجائزة الوطنية للكتاب.


روائي على كثير من الإطناب في الكتابة، لم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره حين دخل إلى عالم الأدب الذي سرعان ما قدّره وحيّاه على طريقته «في وضع النيران داخل الحدث» (أي نجاحه في تقديم الإثارة المطلقة) كما عرف عنه براعته في الحوار. هذه القدرة الفائقة دفعت صديقه الكاتب دونالد ويستلاكيه إلى القول إن «إلمور ليونارد هو من أكثر الأشخاص الذين سببوا الشقاء لكتاب الروايات البوليسية الشبان، وذلك عائد إلى أسلوبه الذي يبدو سهلا لذلك اعتقدوا أنهم بوسعهم القيام بما هو أفضل لكن النتيجة جاءت مخالفة بالكامل».


من دون شك كان إلمور ليونارد كاتب قصة موهوبا، وقد بقي إلى آخر أيامه مخلصا لمفهومه في الكتابة الذي تجلى في الأقاصيص القصيرة، وبخاصة في كتابي «حين تخرج النساء كي يرقصن» أو «طب أباتشي»، كتابان مليئان بالحكايات «المهضومة» وبالمواقف غير المتوقعة وقد ساهما في انتشار شهرته واسمه، بعد أن عرف بعض الصعوبة في الانتشار الكبير مع بداية حياته، إذ كانت المرة الأولى التي ظهر فيها اسمه في قائمة أكثر الكتب مبيعا في قائمة «النيويورك تايمز» العام 1985، أي وهو في الستين من عمره، لكن منذ ذلك الوقت، لم يشذ أي كتاب جديد له من الدخول إلى هذه القائمة.


يتفق جميع النقاد على أن إلمور ليونارد لم يكن ذا أسلوب بارع، لكنه كان حكواتيا مدهشا يعرف كيف يروي القصة متسلحا بمخيلة خصبة إلى أقصى الدرجات، من هنا غالبا ما كان يردد «كنت أكتب وفق خطة موضوعة مسبقا، بيد أني لم أنجح يوما في اتباعها إلى الآخر، إذ غالبا ما كنت أخون نفسي وأترك مخيلتي تسير على هواها».


عديدة هي الروايات التي تحولت إلى أفلام نذكر منها «غيت شورتي» (1996 لباري سوننفيلد)، «جاكي بروان» (1997 لكونتان تارانتينو) «بعيدا عن الوصول» (1998ستيفن سودربرغ) وغيرها، وبعد نجاح هذه الأفلام بدأ كتابة السيناريوهات بنفسه، كما بعض أفلام الويسترن المأخوذ بعضها عن روايات سابقة له.
وبعيدا عن ذلك كله، بقي إلمور لغاية النفس الأخير ما رغب في أن يكونه طيلة حياته: أن يبقى كاتبا.



المصدر: السفير + عن لوفيغارو