هل تحاربون الفكر الإرهابي حقاً؟
انطلقت أعمال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر التجريبي يوم 20/9/2016 على أن تستمر فعالياته حتى 30 من أيلول الجاري.
تتألف الندوة الرئيسية للمهرجان من أربعة محاور، هي: المسرح وقضايا تكفير التفكير، التجريب وتنوير الأبنية الجمالية، القضايا العربية بفضاء المسرح الغربي، والمحور الرابع الحركة النقدية والمسرح المقاوم.
حددت إدارة المهرجان محاربة الإرهاب محوراً للندوات الرئيسية للدورة الـ23 من المهرجان، وتعقد الندوة الرئيسية تحت عنوان «فكر التكفير.. وتكفير الفكر»، التي يشارك بها عدد من النقاد والباحثين المسرحيين من مختلف الدول المشاركة.
وفي تصريح للكاتب محمد أبو علا السلاموني قال: «ظاهرة الإرهاب أصبحت منتشرة، ونتناولها هنا من الناحية الفكرية، تحت اسم «فكر التكفير وتكفير الفكر»، هناك أفكار تكفر المجتمع، وتصفه بأنه مجتمع جاهلي، ونحن نتناول تفكير هذا التكفير ونفنده، ليظهر بأنه محاولة للسيطرة على نظم الحكم في العالم، بناء على أن أصحابه يملكون الحقيقة المطلقة، من خلال استخدامهم للدين كوسيلة من وسائل فرض سلطتهم على المجتمعات الإنسانية، وليس لهدف ديني، فهم يسعون للسيطرة السياسية، ويقف وراء هذا الفكر أصحاب المصلحة الأولى، المخابرات المركزية الأمريكية، التي تدعم هذا الفكر التكفيري، الذي يسعى لإثبات أن المجتمع في حاجة إلى أن تحكمه هذا الجماعات، لأنها من أدوات أجهزة المخابرات، ودورها تنفيذ نظرية «الفوضى الخلاقة» في المنطقة، لتمزيق المنطقة إلى دويلات وإمارات، تسيطر أمريكا عليها للهيمنة على الموارد والبترول، وتحقيق أمن ومصالح الكيان الصهيوني المحتل».
واعتبر الكاتب نفسه أن الفنون والمسرح هما «القوة الناعمة» في مواجهة هذا الفكر، وأكّد أن الثقافة تلعب دورها في توضيح أسس هذا الفكر، ومن ضمنها المسرح باعتباره «قوة ثقافية ضاربة»، وعبّر عن رأيه قائلاً: «ضرب الفكر الإرهابي هو الأساس، قبل ضرب عناصره أمنياً، لأن الفكر ينمو، وبالتالي مواجهته أهم، لأنه ضد التقدم والإنسانية والقيم والدين، وهذا دور الفنون وفى مقدمتها المسرح، فهو هنا له دور مهم في مقاومة هذا الفكر الإرهابي، الذي يحاول تدمير المجتمعات لصالح أمريكا».
ربما يعبر هذا المهرجان، في أحد وجوهه، عن الضرورة الملحّة في إنهاء الإرهاب الفاشي العالمي، ويعالج القضية من موقعه الثقافي الفني والمسرحي. لكن الوجه الآخر الذي لا يمكن إغفاله هو أنّ هنالك «موضة» باتت منتشرة في العديد من دول العالم العربي هي «موضة محاربة الإرهاب فكرياً وثقافياً».. وإذا كان مما لاشك فيه أنّ الجبهة الثقافية- الفكرية هي إحدى الجبهات المهمة في محاربة الإرهاب، إلّا أنّ حصر محاربة الإرهاب بإحدى أداتين: فإما العسكرة وإما الثقافة أو كلاهما معاً، هو هروب من الجبهة الأكثر أساسية في محاربته: الجبهة الاقتصادية.
إنّ البيئة الحاضنة لمختلف أنواع الفكر التكفيري تمتاز بدرجة تهميشها العالية، وبرداءة أوضاعها الاقتصادية وتالياً أوضاعها الثقافية.
الملفت في المسألة أنّ نظماً عربية تربي الإرهاب بأن تخلق البيئات الحاضنة له عبر امتثالها لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، وعبر لبرلة اقتصادات بلدانها وتهديم انتاجيتها، هي ذاتها الأنظمة التي ترع مهرجانات ثقافية، طويلة وعريضة، لمحاربة الفكر التكفيري، وهنا يظهر الجانب الآخر من القضية: فمعظم هذه المهرجانات، على الأقل تلك التي تمولها وتدعمها أنظمة بعينها، ليست معنية بمحاربة الإرهاب فعلياً! ولكنها معنية بمسألتين: الأولى هي محاربة «التكفيرين» بوصفهم منافس على السلطة، وثانيهما تأجيل حل المسألة الاقتصادية إلى أجل غير مسمى ريثما يجري التخلص من خطر الإرهاب..!