«سكتة قلبية» على «مسرح القباني»
خليل صويلح خليل صويلح

«سكتة قلبية» على «مسرح القباني»

لا خرائط واضحة في مسرحية «سكتة قلبية» الذي تختتم عروضها اليوم على خشبة «مسرح القباني» في دمشق («مؤسسة فنانون مواطنون»، بالتعاون مع «مديرية المسارح والموسيقى»). هناك رؤية ملتبسة بين ملامسة الجرح السوري المفتوح في ظل الحرب، والذاكرة الفلسطينية المستعادة.

الكابوس الذي يستيقظ منه «أبو إسماعيل» (جهاد عبيد) يضعه في حيرة المكان: هل هو معتقل لدى السلطة، أم خطفته جماعة تكفيرية؟ البندقية وجهاز اللاسلكي المرميان إلى جانبه ينبهانه إلى لحظة موته بنوبة قلبية خلال هجوم عسكري، هو الذي كان يرغب بموت لائق يضعه في قائمة الشهداء.

إنه في المنطقة الرمادية، معلّق بين الجحيم والفردوس. الرجل الهشّ الذي يسعى إلى حماية كرامته من دون خسائر، المدحور منذ طفولته يستعيد شريط حياته الممزّقة. في المدرسة كان المعلّم الفلسطيني ينكّل به، وفي المنزل يتلقى صفعات زوجة الأب الغائب في حربٍ ما. نحن إذاً، إزاء كائن مستلب، أضاع بوصلته باكراً، تحت ضغط قسوة العيش، وحطام الحروب. يتضاءل تدريجاً، حين يلحظ فجأة تضخّم جهاز اللاسلكي، وتالياً، تراكم الأوامر التي تطارده في تقرير مصيره النهائي. محاولاته في تعديل كفتي الميزان تبوء بالفشل، فالعدالة غائبة أو مغيّبة. يخاطب الميزان المائل من دون أن يجد إجابة حاسمة عن أسئلته الوجودية، وكيفية الخروج من متاهة الجحيم. ولكن ماهي المسافة بين الممثل ونصّه؟ يتألق جهاد عبيد في حضوره على الخشبة كممثل، لكن النص الذي كتبه بنفسه يخذله في محطات كثيرة، بغياب الرؤية الإخراجية الخلّاقة (إخراج منصور نصر)، وعبء الحكايات الجانبية التي أثقلت سيرته بما هو فائض عن حاجة المتلقي، وتمزّقه بين شخصيتي الراوي والشخصية، من دون إضافات سردية يتكئ عليها النص. كما أن تعدّد لهجات الشخصية وضعنا في حيرة حيال هوية أبي إسماعيل، خصوصاً في إشاراته الخاطفة حيال مفردات الحرب السورية الراهنة، عن طريق الكتابة والمحو. فما أن يضع قدميه عند عتبةٍ ما، حتى يتراجع إلى الخلف، ربما تهرّباً من موقفٍ صريح، أو خشية الانزلاق إلى ما هو أبعد من ذلك، مكتفياً بأحوال الجسد المعذّب بإحالات فرويدية تارةً، والوقوف عند تخوم «مسرح القسوة» طوراً. جهاد عبيد اكتشاف مبهر لممثل مسرحي لافت، أضاع جهده في نصّ يعوزه صقل درامي أكثر متانةً، وحلول إخراجية لم نلمسها جيداً، في مفاصل هذا العرض. هناك «سكتة قلبية» حقاً، في منطقة ما من هذه المونودراما المرتبكة.

 

المصدر: الأخبار