وبالنسبة لبكرا شو؟
أنا حاضر إذاً أنا موجود .أنت مفكر؟ أي، أنا أفكر بالمستقبل الثوري، أفكر بالجيل الطائش اللامنتمي... أفكر بتزييف المبادئ الأساسية وكيفية تكييفها مع التيارات المحلية والحساسيات، وأخيراً لي نظرية بعلم النبات».
«يقدم زياد الرحباني في مسرحيته «نزل السرور»، بهذه العبارات التي دخلت الذاكرة الكوميدية، وبسخرية مرة، قد تجعلك تموت ضحكاً، شخصية المثقف، بعد تعريتها وتشخيص جملة واسعة من الأمراض التي تعاني منها. يبدو أن هذه الصورة عن المثقفين وأمراضهم، ضمن ما يدور حولنا وفي العالم من تغيرات وعواصف جارفة، لا تزال حاضرة ومهيمنة إلى حد بعيد، خاصة إذا جرى الحديث عن «المثقفين المحترفين» ومنهم المنتجون لألوان الثقافة والفنون المختلفة أو المنشغلون بها بصورة تبعدهم عما يدور حولهم من تغيرات، إذ يستطيع المراقب العادي ملاحظة ابتعاد الكثير من المثقفين عن الواقع ومشكلاته، واستمرار تمسكهم بمقولات أو تصورات معلبة كثيرة منها ما عفا عليه الزمن، وفي أفضل الأحيان إعادة إنتاجها بالمنطق القديم ذاته المجافي لحقائق العلم! مع ممارسة عناد عجيب يميز «المثقفين التقليديين» في التعالي على العمل الاجتماعي والسياسي الجدي، والترفع عن إعادة النظر بالمواقف والتعلم من دروس الواقع. الأمر الذي يصل عند بعض من المثقفين والمثقفات وأمام ضراوة الأزمات، إلى الاكتفاء بمواقف ادعائية مضحكة تسوق بسطحية بالغة على مبدأ «شوفوني أنا موجود!». ومن غير الممكن أو المقنع هنا على الإطلاق تضخيم المبادرات التي يطلقها بعض المثقفين من هنا وهناك، فهي رغم أهمية بعضها، استجابة طبيعية لا تميز هذه الشريحة، في حين يبحث المجتمع عن أفكار ومبادرات تدخل في عمق الصراع والحلول! مبادرات لا تقف عاجزة مثلاً عند الحدود الأولى من الانقسام السياسي إثر الأزمة السورية، وخير دليل على ذلك ما نراه في الدراما السورية! فما العمل اليوم؟ هل سيبقى المثقفون في جزرهم الجميلة المعزولة؟ كصورتهم في مسرحية بالنسبة لبكرا شو: «كلامهم درر، بس بدك مين يفهم..».