أحمد زكي... «الدمعة في جنة الضحك»
الإمبراطور الراحل أحمد زكى، اعتبره الكثيرون من المتخصصين السينمائيين وكذلك الجماهير، الأفضل في تاريخ السينما المصرية دون منافس، النجم الذى أثار انتباه ودهشة كل من شاهده، رجل التفاصيل الذى استخدم كل منطقة في جسده لرسم أدواره وتشكيل ملامح الشخصية التي يؤديها..
ولد أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي، 18 تشرين الثاني عام 1949، بالشرقية، بدأ بالمسرح ثم اتجه للسينما منذ منتصف السبعينات، وبدأت الأنظار تلفتت إليه بسبب موهبته الاستثنائية وغير المعتادة في التمثيل، وشارك في عشرات الأفلام التي جعلته ليس فقط من أكثر الممثلين جماهيرية، بل كذلك من أكثر الممثلين الممدوحين من قبل النقاد.
كان زكي يرسم مشاهد درامية في لمعان عينه المفعم بالأحاسيس، يعيش وحيداً في الحياة غذائه التأمل الذى تعمق في وجدانه، وصاحبه في أطوار حياته ليرسم شخصيته القوية الدؤوبة الحنونة الحزينة الحادة العنيدة، يغلب الحزن بالهروب إلى منازل الأصدقاء باحثاً عن الضحكة التي لم تشفى جراحه، هذا الصدام المتواصل بينه وبين العالم الخارجي، فلم يضحك بما فيه الكفاية، ولم يبك بما فيه الكفاية، ولكنه صمت بما فيه الكفاية، وحين أراد أن يهرب إلى الكلام وجد في المسرح المتنفس الأول له.
عشق التمثيل ووجد فيه ضالته وسعادته التي أفضى خلاله أحزانه، لم يكن طريقه إلى عالم الفن مفروشاً بالورود، اكتشف موهبته منذ أن كان في التعليم الأساسي والثانوي الصناعي، ليصبح في فترة وجيزة هاوياً للتمثيل والإخراج المسرحي على مستوى طلاب المدارس، ليأخذه ولعه بالفن إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تخرج منه عام 1973 من قسم التمثيل بتقدير ممتاز.. ويطل على الجمهور للمرة الأولى في مسرحية "مدرسة المشاغبين" مع ملوك الضحك، ليشكل الدمعة في جنة الضحك من خلال دور الطالب الفقير..
تحدى فقره ليعيش لفنه، وسخر كل الأموال التي يحصل عليها للإنفاق على فنه لا غير، لدرجة أنه أعلن إفلاسه بعد أن قام بصرف جميع أمواله لتأدية دور الرئيس الراحل محمد أنور السادات في فيلم "أيام السادات.
وله ما يوازي الـ60 فيلمًا سينمائيًا على مدار 30 عامًا، وحوالي 6 مسلسلات، و4 مسرحيات، ومن أبرز الأفلام في فترة الثمانينات والتسعينات، النمر الأسود، والإمبراطور، والراقصة والطبال، ومعالي الوزير، وأرض الخوف، واضحك الصورة تطلع حلوة.
أما على مستوى المسرح، فقد صنعت مسرحية مدرسة المشاغبين، والعيال كبرت، وقبلهما هاللو شلبي، نجمًا من نوع "الحلم الشعبي"، قريب من بسطاء المصريين، بسمرته المحببة وعيونه العميقة، هذا بجانب مسلسلات الأيام، وهو وهي، ومن أجل ولدي.
اكتشف أحمد زكى عن طريق الصدفة إصابته بالمرض الخبيث في الرئة بسبب إدمانه للتدخين، في أوائل 2004، وعلى الرغم من ذلك ومع التدهور الصحي الذى طال كل أجهزته، لم يستسلم أحمد زكى للموت، فظل يقاتل على حلمه بتجسيد دور الفنان عبدالحليم حافظ في فيلم "حليم" دون اكتراث للمرض، حتى سقط فجأة أثناء تصوير أول مشاهده، وعلى الرغم من ذلك لم ييأس الفتى الأسمر وكأنه يجد في الفن العلاج والحياة، حتى وهو على فراش الموت..
وخرج فيلم "حليم" إلى النور، وكان أول عرض خاص في المسرح الكبير بدار الأوبرا.. ولكن لم يشاهد الفنان الأسمر الراحل حلمه مكتملاً على الشاشة فقد هزمه القدر ليفارق الحياة في 27 آذار 2005 عن عمر يناهز 56 عامًا.