من «بيرل هاربر» إلى «ليبيا»

من «بيرل هاربر» إلى «ليبيا»

 

كتب هنري ستيمون مستشار الرئيس الامريكي روزفلت في مذكراته عن دخول الولايات الحرب ضد اليابان وطريقة إقناع الشعب الأمريكي بها قائلاً «المسألة هي كيف يمكن أن نناورهم ليطلقوا الرصاصة الأولى .. من الأفضل التأكد من كون اليابانيين من سيفعلون هذا لكي لا يبقى أي شك نحو من المعتدي»

 في الأشهر التي سبقت هجوم بيرل هاربر قام روزفلت بإجراءات من شأنها استفزاز أية دولة، واستدراج اليابان إلى إطلاق الرصاصة الأولى، وفي 7 ديسمبر 1941 قبل هجوم بيرل هاربور بثلاثة أيام تم إرسال معلومة من جانب المخابرات الاستراليه عن قوة يابانيه ستبدأ تحركها نحو بيرل هاربر ولكن تم تجاهل الرساله و حدث الهجوم الذي تسبب في مقتل 2400 أمريكي كما بثت وسائل الإعلام، الأمر الذي صدم الرأي العام الأمريكي ، وأدى الى تطوع عشرات الآلاف في الجيش، وتم تمرير قرار الدخول إلى الحرب.

وفي سيناريو آخر، ولكن في عام 1969  عندما كان البيت الأبيض محاصراً بهزائم فيتنام، وتخنقه الأزمات الداخلية، حتى كادت أن تطيح برئيسه، في الوقت الذي اقترب فيه موعد الانتخابات، في تلك الأيام كانت النخبة الحاكمة بأمس الحاجة إلى مفرقعات إعلامية تبهر أبصار الناس، وترفع معنوياتهم المنهارة، وتعيد الاعتبار لأمريكا المهزومة، فكانت فبركة فيلم صعود رواد الفضاء الأمريكيين إلى القمر، الذي تحول إلى فضيحة اعلامية من العيار الثقيل فيما بعد.

مع تطور وتوسع دور وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال والتواصل الاجتماعي التي تجتاح عالمنا اليوم وفي ظل الأزمات المركبة، يستمر التحايل الإعلامي على ارتفاع مستوى الوعي الاجتماعي، مستفيدَاً من تطور مهارات الاتصال وتقنيات الإبهار والإثارة، لا بل تم دفع هذا التحايل إلى مستويات أعلى من الإسفاف في نقل الصور المزيفة عن الواقع، أو الإمعان في ترسيخ صور غير واقعية في ذهن المتلقي.

 في العالم المضطرب اليوم، ترى كم من الأفلام المفبركة، والمشاهد المصنعة تصدّر كل ساعة إلى المتلقي، وتقدم على أنها حقائق دامغة، وتبنى على أساسها المواقف وترسم السياسات.

لقد بات مؤكداً أنه أمام كل إثارة إعلامية تكمن أجندة سياسية، بدءاً من بيرل هاربر وانتهاءً بالمشهد المروّع لحادثة «أقباط» مصر في ليبيا.