بريكس: 41 في المائة من ناتج العالم
تستمر منظمة البريكس في النمو والتأثير، وهي التي تسعى في المحصلة إلى إزالة هيمنة الدولار وتحويل النظام المالي والنقدي الدولي. بعد قبول أربعة أعضاء جدد في عام 2024، ترحب منظمة البريكس رسمياً بتسعة دول جديدة كشركاء في 1 كانون الثاني 2025. وهي: بيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإندونيسيا وكازاخستان وماليزيا وتايلاند وأوغندا وأوزبكستان. بهذا تكون منظمة البريكس تشكّل ما يقرب من نصف سكان العالم وأكثر من 41% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بمقياس «تَعادُل القوة الشرائية/PPP».
ترجمة: أوديت الحسين
يمكن اعتبار المجموعة قوةً اقتصادية عظمى، تشمل أبرز المنتجين للسلع الأساسية مثل النفط والغاز والحبوب واللحوم والمعادن. في قمة البريكس في روسيا، في تشرين الأول 2024، تمّت دعوة 13 دولة لتصبح شركاء في البريكس، مما يعني أنهم في طريقهم للانضمام الكامل في المستقبل القريب. في قمة 2023 في جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا، توسعت البريكس مرة أخرى.
تشكل مجموعة البريكس تقريباً نصف سكان العالم مع إضافة الدول الشريكة، تسعةٌ من أكثر عشرينَ دولةً تعداداً سكّانيّاً على وجهِ الأرضِ الآن هم جزءٌ من البريكس. يبلغُ عدد سكانها مجتمعةً نحو 4 مليارات، أي ما يقربُ من نصف سكان العالم.
تشكّل البريكس 41% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقياس تَعادُل القوة الشرائية. الأعضاءُ التسعةُ في البريكس والشركاءُ التسعةُ الجددُ يشكّلون معاً أكثر من 41% من الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ العالميِّ.
كان الأعضاءُ الخمسةُ الأصليّون في البريكس يشكّلونَ 33.76% من الناتج المحلّي الإجمالي العالَمي في أكتوبر 2024، وفقاً لبياناتِ صندوق النقد الدولي. يعني هذا أنّ الأعضاء الخمسة المؤسِّسين للبريكس يشكّلون نسبةً أكبر من الاقتصاد العالَمي مقارنةً بمجموعة السبع، التي شكّلت 29.08% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2024.
هذا يُعدُّ انخفاضاً هائلاً منذ عام 1990، عندما شكلت اقتصادات مجموعة السبع ما يقرب من 52% من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي. السبب الرئيسي لهذا التحوُّل التاريخي هو النموُّ الاقتصادي الهائل في الصين، التي أصبحت القوّة العظمى الصناعية الأكبر في العالم، حيث تمثّل 35% من الإنتاج الصناعي الإجمالي العالَمي «ما يقرب من ثلاثة أضعاف الولايات المتحدة».
تجاوزت الصين الولايات المتحدة لتصبح أكبر اقتصاد على وجه الأرض في عام 2016، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي. في تشرين الأول 2024، كانت الصين تشكّل 19% من الناتج المحلّي الإجمالي العالَمي، مقارنةً بـ 15% فقط للولايات المتحدة.
عندما نضيف الأعضاء الأربعة الجدد للبريكس الذين تمّ قبولهم في 2024، ترتفع نسبة الناتج المحلي الإجمالي العالمي للبريكس المكوَّنة من تسعة أعضاء إلى 36.44%. ومع الدول التسع الشريكة الجديدة تزداد إلى41.41% «لا تشمل الحِسبة كوبا، لأنّ صندوق النقد الدولي لا يمتلك بيانات عن اقتصادها».
إنّ الناتج المحلّي الإجمالي للولايات المتحدة يُبالغ في تقدير قوتها الاقتصادية، فهو لا يعكس بالضرورة القدرات الإنتاجية لدولةٍ ما. من المهم النظر إلى التركيب القطّاعي للناتج المحلي الإجمالي. في الولايات المتحدة يأتي 21% من ناتجها من القطاعات الآتية (التي تُجمَع مِن أسمائها كلمةُ FIRE) وهي: التمويل finance، والتأمين insurance، والعقارات real estate. وتشكّل الخدمات المهنيّة والأعمال 13% من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي، مثل العمّال ذوي الياقات البيضاء مثل المحامين والمديرين. ويشكّل التصنيع نحو 10% فقط من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي.
ووفقاً لمكتب التحليل الاقتصادي (BEA) تتشكَّل 8% أُخرى من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي من القيمة الإيجارية المفترضة للمساكن المملوكة للمقيمين، أو كم سيدفع صاحبُ المنزل نظريّاً لاستئجار منزل يملكه ويعيش فيه. هذا يعني أنّ 8% من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي غير موجودة فعلياً، بل مجرّد رقم محاسَبي.
علاوةً على ذلك، يأتي نحو 18% من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي مِن قطّاع الصحّة. تنفق الولايات المتّحدة نحوَ ضعف ما تنفقه الاقتصادات المتقدّمة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) على الرعاية الصحية، ومع ذلك لديها بعضٌ من أسوأ النتائج الصحّية العامة.
البريكس قوةٌ اقتصاديةٌ عظمى في إنتاج السلع الأساسية مثل الحبوب، واللحوم، والنفط، والغاز، والمعادن. ويمكن رؤية تقييمٍ أكثر فائدةً للقوة الاقتصادية المتنامية للبريكس من خلال القدرات الإنتاجية للاقتصادات المكوِّنة للمنظمة.
وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو/FAO) فالمحاصيل الأساسية الرئيسية في العالم، التي تمثّل أكثر من نصف الإنتاج الزراعي العالمي، هي قصب السكر، والذرة، والأرز، والقمح، وفاكهة نخيل الزيت، والبطاطس، على التوالي.
تسيطر دول البريكس على الإنتاج العالمي لهذه المحاصيل الأساسية. تشكّل البرازيل، والهند، والصين نحو ثلثي إنتاج قصب السكر العالمي. تمثّل الصين والبرازيل ما يقرب من 30% من إنتاج الذرة العالمي. تنتج الصين والهند أكثر من نصف إنتاج الأرز في العالَم. تنتج الصين، والهند، وروسيا أكثر من 40% من إنتاج القمح في العالم. تشكّل إندونيسيا، وماليزيا، وتايلاند (من شركاء البريكس) نحو 90% من إنتاج فاكهة نخيل الزيت العالمي. تنتج الصين والهند نحو 40% من البطاطس في العالم.
تنتج دول البريكس أيضاً الكثير من اللحوم في العالم. تشكّل الصين والبرازيل أكثر من 20% من إنتاج الدجاج العالمي. تنتج الصين أكثر من 40% من لحم الخنزير في العالم. تشكل البرازيل والصين أكثر من 20% من إنتاج لحم البقر العالمي. تهيمن الصين على إنتاج الأحياء المائية من المأكولات البحرية، حيث تشكل ما يقرب من 60% من الإنتاج العالمي. وبالاشتراك مع الهند وإندونيسيا، يشكّلون أكثر من 70%. تشكل دول البريكس أيضاً أكثر من نصف إنتاج بيض الدجاج في العالم. تنتج الصين وحدها 34%.
تتصدر الصين أيضاً التحوّل العالمي إلى الطاقة المتجدّدة. تبني الصين طاقة شمسية ورياح تعادل ضعف ما تبنيه بقية العالم مجتمعة. تلعب دول البريكس أيضاً دوراً كبيراً في إنتاج النفط الخام العالمي. خمسةٌ من أكبر عشرة منتجين للنفط الخام في العالم هم في البريكس، بما في ذلك روسيا «الثالثة»، الصين «الرابعة»، إيران «السابعة»، الإمارات العربية المتحدة «الثامنة»، والبرازيل «التاسعة».
كما أنّ أكبر منتجي الغاز الطبيعي في البريكس هم روسيا «الثانية»، إيران «الثالثة»، الصين «الثامنة»، الإمارات العربية المتحدة «العاشرة»، إندونيسيا «الحادية عشرة»، وماليزيا «الخامسة عشرة».
وعندما يتعلّق الأمر بالمعادن الاستراتيجية، فإنّ البريكس مؤثِّرةٌ بشكل كبيرٍ مرةً أخرى. تعد دول البريكس من بين أكبر المنتجين العالميين لخام الحديد، بما في ذلك البرازيل «الثانية»، الصين «الثالثة»، الهند «الرابعة»، روسيا «الخامسة»، جنوب أفريقيا «الثامنة»، كازاخستان «التاسعة»، وإيران «العاشرة». عندما يتعلق الأمر بإنتاج النحاس العالمي، فإن أعضاء البريكس أيضاً مهمِّون جدّاً، بما في ذلك الصين «الثالثة»، روسيا «السابعة»، إندونيسيا «التاسعة»، وكازاخستان «الثانية عشرة».
يعني قبول إندونيسيا كشريك أيضاً أن أقوى دولة في العالم في إنتاج النيكل أصبحت جزءاً من البريكس، بالإضافة إلى منتجين آخرين مهمّين للنيكل مثل روسيا «الثالثة»، الصين «السابعة»، البرازيل «الثامنة»، وكوبا «التاسعة».
إن هذه الإحصائيات تُظهر أنّ البريكس أصبحت من أهمّ المنظَّمات في العالَم، وهي تجمع بين دولٍ ذات سكان مليونيِّين، واقتصاداتٍ ضخمة، وقدرات إنتاجيّة عظيمة. إذا استطاعت دول البريكس التنسيق بنجاح واتخاذ إجراءات جماعية، فستغيّر العالَم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1208