الوضع السوري في 2024: أكبر عدد من المحتاجين منذ عام 2011!
تستمر الاحتياجات الإنسانية في سورية بالارتفاع دون هوادة. حيث شهدنا على امتداد العام 2023، مزيداً من تعقيد الأوضاع، ومزيداً من النزوح والمعاناة. واستمر الوضع الاقتصادي الاجتماعي في التدهور، وتفاقم أكثر بسبب الزلزال الذي وقع في شهر شباط 2023، مما زاد من تدهور الوضع عموماً. في هذا الصدد، أصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة OCHA تقريره السنوي تحت عنوان: «نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024»، الذي سلّط الضوء على مستجدات الوضع في سورية عموماً خلال عام 2024.
وفقاً للتقرير، من المتوقع أن يحتاج أكثر من 16.7 مليون مواطن سوري إلى المساعدة في عام 2024، وهو أكبر عدد على الإطلاق منذ بداية الأزمة في عام 2011. وخلال الفترة من 1 كانون الثاني وحتى 31 تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 454 مدنياً، بينهم 88 امرأة و115 طفلاً نتيجة العمليات العسكرية.
ولا يزال يعيش نحو 7.2 مليون سوري في حالة نزوح، والكثير منهم في مخيمات مكتظة. كما لا يزال نقص وفقدان الوثائق المدنية، وكذلك نقص وفقدان أو تلف وثائق الإسكان والأراضي والممتلكات، يمثل مشكلات خطيرة بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين داخلياً.
زلزال شباط فاقم من الكارثة الموجودة مسبقاً
أضاف زلزال شباط 2023 في شمالي سورية وتركيا معاناة جديدة إلى الوضع الكارثي أصلاً، مما زاد من الضغط على الخدمات، وسبب مزيداً من عمليات النزوح، وألحق أضراراً واسعة النطاق.
أسفر الزلزال عن نحو 6000 حالة وفاة، وأكثر من 12800 شخص أصيبوا في سورية. وفقدت العديد من العائلات معيلها الرئيسي بسبب الوفاة أو الإصابة، في الوقت الذي كان فيه الوضع الاقتصادي شديد السوء، ما أدى إلى عدم تمكن الملايين من تلبية احتياجاتهم الأساسية.
عوارض السكتة القلبية في الاقتصاد السوري
يزداد السوريون فقراً مع استمرار الاقتصاد في حالة السكتة القلبية: منذ شباط 2023، فقدت الليرة السورية قرابة نصف قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، حيث بلغ متوسطها في شهر تشرين الثاني 2023 (نحو 14200 ليرة سورية للدولار الواحد في السوق السوداء).
وفي الفترة بين شباط إلى أيلول 2023، ارتفع التضخم، وفقاً لمؤشر الحد الأدنى لأسعار سلة الغذاء (التابع لبرنامج الأغذية العالمي)، بنسبة 88%، مدفوعاً بانخفاض إمكانية الوصول إلى السلع، وتعطيل سلاسل التوريد، وارتفاع التكاليف اللوجستية، وكلها عوامل ضغوط تصاعدية كبيرة على الأسعار.
وفوق ذلك، يستمر تآكل القدرة على تقديم الخدمات، مع تدهور أنظمة المياه والصرف الصحي، وتعرض خدمات الصحة العامة لضغوط هائلة. حيث يؤدي التمويل المحدود وهجرة الموارد البشرية الماهرة إلى تقييد جودة هذه الخدمات وتوافرها، مما يعرض المزيد من الأشخاص للخطر.
ويساهم تفشي الأمراض المتكررة، والأمراض المنقولة بالمياه، والجفاف الطويل وأزمة المياه، والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وانعدام الأمن الغذائي، في ارتفاع معدلات سوء التغذية. وقد تجاوزت محافظات ريف دمشق وإدلب والرقة والقنيطرة المستويات المقبولة لمستويات سوء التغذية الحاد الشامل، في حين عانت محافظة اللاذقية من انتشار سوء التغذية الحاد الشامل على مستوى الطوارئ بنسبة 10%.
12.9 مليون مواطن يعانون انعدام الأمن الغذائي
واصلت ظروف الجفاف وندرة المياه، إلى جانب ارتفاع تكلفة الوقود وارتفاع الأسعار، التأثير على المحاصيل الزراعية. ومنذ تموز عام 2021 فصاعداً، تفاقم انعدام الأمن الغذائي بسبب ارتفاع أسعار الخبز المدعوم، وارتفاع أسعار المازوت المدعوم، واللجوء إلى الاستيراد، وانخفاض الإنتاج الزراعي وانخفاض دعم الزراعة. وذلك في الوقت الذي يعاني فيه 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في سورية.
ولوحظ انخفاضٌ كبير في الإنتاج في جميع المحاصيل الغذائية وكذلك في الإنتاج الحيواني. ولم يؤثر ذلك على إنتاج الغذاء وبالتالي على توفره وأسعاره في الأسواق المحلية فحسب، بل تسبب أيضاً في خسائر فادحة للمزارعين والعاملين في سبل العيش المرتبطة بالزراعة وتربية الحيوانات. كما أثر على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم المعيشية الأساسية، وزراعة بساتينهم في المواسم المقبلة، وحتى الحفاظ على أصولهم الزراعية وغير الزراعية. ولجأ بعض المزارعين إلى مدخلات الإنتاج الرخيصة وغير الموثوقة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي والغلة، وكذلك الاستثمارات الزراعية، وكلها عوامل ساهمت في تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1165