رفوف الأغذية الفارغة في أمريكا تُنبئ بالكثير
مايكل سنايدر      ترجمة: قاسيون مايكل سنايدر ترجمة: قاسيون

رفوف الأغذية الفارغة في أمريكا تُنبئ بالكثير

يتكرر الأمر من جديد. في كانون الثاني، وقف بايدن أمام الشعب الأمريكي، وأعلن بجرأة بأنّه هزم أزمة سلاسل التوريد، لكنّه لم يكن صادقاً فيما قال. كان هناك نقصٌ مستمر منذ أشهر، واليوم بدأت المخاوف من متحوّر أوميكرون تأخذ الأمور إلى مستوى جديد مرّة أخرى. بات هاشتاغ «#الرفوف- الفارغة- يا بايدن» رائجاً على تويتر، ذلك أنّ الرفوف فارغة بشكل مثير للخطر. قيل لنا بأنّ النقص مسألة مؤقتة، لكن هذا ما قالوه أيضاً عندما ضرب النقص- في التوريدات- كامل الولايات المتحدة في بداية 2020.

لسوء الحظ، يحذرنا خبراء صناعة الأغذية من أنّ الإمدادات ستزداد ضيقاً في الأسابيع القادمة. كمثال ما قاله الملياردير جون كاتسيماتيديس- مالك ورئيس مجلس إدارة شركة Gristedes للأغذية وسلاسل متاجر البقالة- لشبكة فوكس: يؤثر أوميكرون على مستويات مختلفة من سلاسل التوريد، سواء أكانوا عمّال المخازن، أو عمّال محطات الانتقاء، أو السائقين، أو عمّال التحميل. عندما يمرض هؤلاء يصبح هناك انقطاع في النظام.
تابع كاتسيماتيديس القول بأنّ هذه الانقطاعات ستستمر في الأسابيع المقبلة، حيث يؤثر متحوّر كوفيد-19 على سوق العمل. وأنّ الساحل الشرقي من البلاد تحديداً يشهد اليوم ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المنتجات المختلفة، بما في ذلك البيض والدواجن ولحم البقر.
يبدو هذا السيناريو تشاؤمياً أليس كذلك؟ لكنّ كاتسيماتيديس ليس وحيداً في اعتبار الأمر مجرّد تمهيد لأزمة أشد، فالمدير التنفيذي لشركة «Egg Innovations» جون برونكويل قد حذّر من أنّ الظروف الحالية قد تمنع كامل مجال عمله «البيض» من توريد ما يكفي من المنتجات للعامة.
تحدّث برونكويل- وهو أوّل حائز على براءة اختراع البيض قليل الدسم والكوليسترول في الولايات المتحدة- لشبكة فوكس نيوز، محذراً من أنّ الزيادة الطفيفة في الطلب التي تتزامن مع مشاكل العمالة والشحن والبائعين قد تعوق قريباً إمدادات منتجات البيض.
لهذا الذين تعاني متاجر مناطقهم من الخواء من منتجات اللحوم والبيض، عليهم الاعتياد على أنّ الأمور ستبقى- لفترة طويلة قادمة- على هذه الحال. وعلى الذين لم يصل إليهم نقص التوريدات أن يحاولوا منذ الآن الاعتياد على الرفوف الخاوية.

الأزمة تشتدّ بالساعات

النقص في التوريدات يتصاعد، والرفوف تفرغ بمرور الساعات وليس الأيام. وفقاً لمؤسسة Zero Hedge، فالأمريكيون من الساحل إلى الساحل ينشرون صوراً لرفوف متاجرهم الفارغة على وسائل التواصل الاجتماعي.
نشرت المؤسسة في 10/1/2022: «... قبيل أمسية الميلاد، أعلن الرئيس بايدن عن أنّ جهود إدارته لإزالة الاختناقات في سلاسل التوريد قبل موسم الأعياد قد نجحت. بعد عشرة أيام من حلول العام الجديد، يمكننا أن نقول بكل ثقة بأنّ كلامه ليس صحيحاً. تحوّل هاشتاغ «#الرفوف- الفارغة- يا بايدن» إلى صيحة على تويتر منذ 24 ساعة، واحتلّ الهاشتاغ المرتبة الأولى كأكثر هاشتاغ تداولاً في أمسية الأحد».
أضافت المؤسسة، بأنّ الناس من جميع أنحاء البلاد ينشرون تغريدات فيها صور وفيديوهات عن رفوف السوبرماركت الفارغة، حيث أخفقت «وحدة معالجة انقطاعات سلاسل التوريد» الخاصة ببايدن بمعالجة الانقطاعات التي تسبب بها الوباء.
حتّى أكثر الذين كتبوا كثيراً عن أزمة سلاسل التوريد في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، لم يتوقعوا أنّ الأمور ستصل إلى هذا السوء في أوائل عام 2022.
لو كان لدينا ما يكفي من العمّال للقيام بجميع الأعمال اللازم القيام بها، والتي تحتاج إلى إنهاء، لكنّا مضينا منذ فترة طويلة نحو حلّ الأزمة.
لكن في مجال عمل تلو آخر، يبدو وكأنّ عدد العمّال الهائل قد «اختفى وتبخّر» من النظام، وهذا الأمر الذي تسبب بخلق بيئة قادرة على احتضان المشكلة. كمثال: حذرت شركة شحن البضائع الشهيرة فيديكس FedEx من نقص الطاقم لديها، ما سينجم عنه تأخيرات كبيرة في التسليم...
جاء في التصريح الرسمي للشركة: FedEX Corp» تحذّر من أنّ الارتفاع في الإصابة بمتحوّر أوميكرون قد تسبب بنقص في طاقم العمل، وتأخيراً في الشحنات المنقولة على متن الطائرات. لقد تسببت الطفرة المتفجرة لمتحوّر كوفيد-19 أوميكرون بنقص مؤقت في أفراد الطاقم وموظفي العمليات المتاحين».
لا أعلم حقاً لماذا تستخدم شركة فيديكس كلمة «مؤقت» في تصريحها، فقد مضت عليهم أشهر كثيرة وهم يعانون من النقص في عدد الموظفين.

على الكبت أن يُولّد الانفجار

تحتّم علينا الطبيعة البشرية بالتأكيد أن نضع لمسة إيجابية على الأشياء. كثيرون هم الأشخاص الذين يريدون أن يصدقوا ويعتقدوا بأنّ المستقبل سيكون أكثر إشراقاً، ذلك أنّ العامين الماضيين كانا نتنين بحق.
في الحقيقة، ليس علينا سوى تفحّص الكلمات التي استخدمها الأمريكيون عندما وُجّه إليهم سؤال أحد الاستطلاعات: كيف تصفون عام 2021؟ جاءت نتيجة الاستطلاع لتدلّ على الكلمات التي استخدمها المستطلعون على السؤال، مفتوحة الوصف 2021 في كلمة واحدة:
«سيئة/ كريهة/ فظيعة/ مزرية: 23%»، و«فوضوية/ مربكة/ مضطربة 12%»، و«متحدية/ صعبة/ قاسية 11%»، و«كارثية/ كالحطام/ نكبة 6%»، و«عادية/ جيدة/ حسنة 6%».
عند التطلّع للأمام، يبدو اقتصادنا هو الشيء الذي يحتلّ قائمة الأولويات في مخاوف الأمريكيين. يحتل الاقتصاد الأمريكي الأولوية تبعاً للمخاوف المتزايدة من التضخم والوهن والركود والآثار المرتبطة بالوباء.
في استطلاع أُجري بداية هذا العام من قبل الأسوشيتد برس، تبيّن بأنّ 68% من الأمريكيين قد ذكروا الاقتصاد عند الإجابة عن رأيهم فيما يجب أن تكون أولويات الحكومة لتعمل على حلّه في 2022. لم يُجب سوى 37% بأنّ الفيروس هو المشكلة التي يجب أن تعالجها الحكومة كأولوية، وذلك في انخفاض واضح عن نتائج استطلاع العام الماضي الذي أعلن فيه 53% أنّ الفيروس هو أكبر مخاوفهم.
يريد الأمريكيون أن يتمّ حلّ مشاكل سلاسل التوريد، ويريدون أن يعود التضخم للانخفاض، ويريدون أن يصبحوا قادرين على عيش حياتهم بشكل كريم ومتوقع. لكن للأسف، لن يحدث أيّ ممّا يريدونه عمّا قريب، طالما أنّ الشعب الأمريكي في مكان، ونُخبه في مكان آخر.
فكما بات من الواضح تماماً أنّ سلطاتنا الصحيّة غير قادرة بالمرّة على هزيمة الوباء، أصبح أيضاً من الواضح جداً أنّ قادتنا في واشنطن غير قادرين بالمرّة على إصلاح الاقتصاد.
إن كنت تعيش في الولايات المتحدة، وتعتقد بأنّ الأمور سيئة اليوم، فليس عليك سوى انتظار انقضاء بضع سنوات أخرى. عملياً كلّ ما تفعله النخب الأمريكية والإدارة الأمريكية يجعل الأمور أكثر سوءاً، ولا يبدو أنّ الأمور ستتغيّر في القريب العاجل.
إن كنتَ تنتظر الحكومة لإخراجنا من هذه الفوضى، سيكون عليك الانتظار وقتاً طويلاً للغاية. فعقود ماضية من القرارات الغبية هي من وضعتنا في هذا الموقف اليوم، وستحتاج هذه النخب- التي وضعتنا أساساً هنا- لمعجزة أسطورية لتغيير الأمور اليوم.
المستاؤون هم وحدهم القادرون على إحداث هكذا معجزة أسطورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1053
آخر تعديل على الجمعة, 21 كانون2/يناير 2022 21:30