بذار أمريكية... عوضاً عن المحلية
وزعت مؤسسة إكثار البذار ما يقارب 8% فقط من بذار القمح التي كانت توزعها قبل الأزمة، وفق تقديرات الباحثين الزراعيين في سورية. وتملأ السوق هذا الفراغ الذي تتركه هذه الجهة العامة، ولكن (بضاعة السوق) في مجال البذار مشكلة كبيرة تأثيرها مديد...
لفتت ندوة الأربعاء التجاري في غرفة تجارة دمشق، إلى موضوع هام يتعلق بالبذار الزراعية المستخدمة حالياً في السوق السورية، حيث أشار منار الجلاد عضو غرفة تجارة دمشق إلى أن استيراد البذار الزراعية حالياً، هو مؤشر خطير، وهو يهدد السلالات السورية، الأصيلة المنتجة محلياً، والممتدة عبر آلاف السنين. ويجعلها عرضة لخطر الزوال والانقراض، إذا لم تتوفر، ويعاد توزيعها. وإذا ما استمر الاعتماد على البذار المستوردة، وأغلبها بذار أمريكية من الشركات العالمية المهيمنة في هذا المجال. وهذا النوع من البذار معروف بمشاكله المتعلقة بكونها بذاراً عقيمةً، وتربط المستهلك بالمصدر المورد.
يضاف إلى هذا أن هذه البذار تستدعي أنواعاً محددة من الأمراض، وتتطلب أنواعاً محددة من المبيدات والأدوية، مما يؤدي إلى ضمان السوق المحلية. كثيرة هي التصريحات التي تحدثت عن استمرار عمل مراكز البحوث الزراعية، والقدرة على حماية الأنواع والبذار المحلية وحفظها. ما يعني أن مشكلة عدم توفر البذار المحلية لا تتعلق بظروف فقدان النوع، بل تتعلق بعدم توفر الكم الكافي من البذور المحلية، بسبب تراجع عمل المؤسسة العامة لإكثار البذار، وهي التي من مهمتها إكثارها وتوزيعها.
المفاصل الأساسية في الإنتاج الزراعي العام السوري، يمكن وينبغي استعادتها، وإن كانت البذار واحدة من أهم هذه المفاصل، وأكثرها إلحاحاً، إلا أن مجموعة أخرى لا تقل أهمية عنها، مثل: إنتاج الأعلاف، والأسمدة، والأدوية والمبيدات. بالإضافة إلى كل الأنشطة الإنتاجية المتعلقة بإكثار الأنواع الحيوانية، وتوسيع التربية.
قد تكون الزراعة هي واحدة من القطاعات المرنة التي يستطيع فيها المزارعون نسبياً التكيف مع الظروف، ولكن هذا التكيف المشوه، يغير نوع البذار، والسماد، ومستويات الري، والأدوية، والعناية بالتربة، وكلها عوامل تحمل تأثيرات ليست فقط على دخل المزارع وكميات الإنتاج، بل تترك بصمتها على العملية الزراعية في المستقبل.