لتأخذ الأجهزة الرقابية دورها كاملاً!!
هل تقوم الأجهزة التفتيشية بدورها المطلوب منها، وخصوصاً الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية؟
سؤال من الممكن الإجابة عليه.. نعم ستقوم هذه الأجهزة بدورها عندما يصرف مدير عام شركة إنتاجية كبرى مكافأة لعامل قام بعمل مميز وهو لا يملك صلاحية الصرف، وتقوم بدورها عندما تتجاوز صرفيات المهمات ما هو مقرر، وتقوم بدورها عندما تصرف الشركة أو المؤسسة أكثر ما هو محدد لها على الطبابة وعلى طبيعة العمل وعلى الحوافز.. ولكن تقف هذه الأجهزة عاجزة عن كشف أو التحقيق في الفساد الأكبر، والذي يتمثل في العقود والمناقصات وتزوير الفواتير وفي الالتفاف على القوانين وضربها عرض الحائط، في استيراد تكنولوجيا وقطع تبديلية متخلفة وقبض عمولات وسمسرات، في استيراد وتصدير سلع ومواد غذائية.. في التهريب في حصص معلومة بين مديرين في شركات إنشائية ومقاولين ومتعهدين.
وعندما تقوم هذه الأجهزة بدورها فعلاً في كشف الفساد الأكبر، كما جرى في شركة الأسمدة ومؤسسة مياه حمص مؤخراً، تدفع هذه الأجهزة الثمن ويدفع المفتش الثمن الأكبر، لذلك والحال كذلك، فإن الطاقم التفتيشي في هذه الأجهزة التفتيشية يبقى واقفاً مرتجفاً منكفئاً على نفسه، منشغلاً بالورقيات والقضايا السطحية على مبدأ السلامة، والسير «الحيط الحيط والدعاء: يارب السترة»، وذلك على حساب القضايا الكبرى.
في ظل هذا الفساد المستشري زرعت ورسخت قيم وثقافة الشطارة والفهلوة والنهب، وهي أن تحصل على مكاسب دون عمل أو جهد وبطرق غير شرعية، وأن تفاخر بما تقتني... أن تحصل على الموقع دون جدارة، وأن تركض وتلهث وراء السرقة والتزوير والنصب والاحتيال.. أن تعمل بالمباح واللامباح... وتستطيع أن تكون بمنأى عن المساءلة والمحاسبة.
اقترح قبل أعوام بأن تتبع الأجهزة التفتيشية مباشرة إلى رئاسة الجمهورية، ونام هذا الاقتراح في الأدراج، واقترح الآن بأن تكون تقارير هذه الأجهزة أحكاماً قضائية صرفة لكي تساهم على الأقل بالحدود الدنيا، في رصد الفساد، ولكي تأخذ دورها الكامل، ولكي تعاد الثقة إلى طاقمها الإداري الذي يعمل الجزء الأكبر منه بإخلاص ومهنية وشفافية.. ولكن عندما تنام التقارير في الأدراج «بتوجيهات من فوق»، ماذا ننتظر من هذه الأجهزة؟
عندما يعاقب المفتش، وعندما يتم إطلاق التهديدات ضده من مافيا الفساد، ماذا ننتظر من هذه الأجهزة؟
أعيدوا الوهج للقضاء، وامنحوا الأجهزة التفتيشية دورها وحصانتها، وإلا فإن حل هذه الأجهزة هو القرار الصائب أمام تلوث الضمير!!