7500 ليرة للأجور 25000 ليرة للأرباح

7500 ليرة للأجور 25000 ليرة للأرباح

جلس وزراء الحكومة السابقة أمام مجلس الشعب، ودافعوا بإخلاص عن القرارت التي أصدروها ولم يقروها، ناطقين بلسان التبرير لقوى الفساد والليبرالية التي لا ترى أنها تحتاج إلى تبرير أفعالها أمام الشعب أو مجلسه، في واحدة من أكثر مشاهد الأزمة السورية مفارقة وسخرية..

وزير المالية كان أقوى المتحدثين وأكثرهم ثقة بقرارات الحكومة، وهو المرشح بقوة للاحتفاظ بمنصبه كوزير وكرئيس للجنة الاقتصادية، حيث أشار إلى أن التعويض المعيشي أكبر من وفورات الأسعار المحققة من المحروقات..

من الصعب تقدير عدد عمال القطاع العام، طالما أن الحكومة تخفي عددهم، حتى عن نقابات العمال!.. ولكن الحلقي رئيس الحكومة السابق، كان يقول ويكرر ويذكرنا دائماً بأن الحكومة مشكورة تدفع للسوريين أجوراً بمقدار 70 مليار ليرة شهرياً..

الوفورات والتعويض (راس براس)

وبحسبة بسيطة تقديرية فإن الـ 7500، تعادل 28% من وسطي الأجور السورية البالغ 26500 ليرة، وعليه فإن كتلة الرواتب الشهرية ستزداد وسطياً بمقدار 28% أي حوالي 19.6 مليار ليرة بالشهر، أي 235 مليار ليرة خلال سنة..

بينما أرباح قطاع المحروقات تقارب الـ 200 مليار، وتبلغ وفق حسبة قاسيون 196 مليار ليرة بعد رفع الأسعار، مع العلم أن هذه الحسبة لم تأخذ بعين الاعتبار انخفاض الأسعار العالمية للغاز، واعتبرت أن ارتفاع التكاليف في الغاز متطابق مع ارتفاع سعر الصرف، أي عملياً وضعت هامش أعلى لارتفاع التكاليف، بينما هي أقل واقعياً، وبالتالي الأرباح أكثر..

المازوت وحده سيزيد 25 ألف بالشهر!

وبكافة  الأحوال، لا تقاس المسألة بمقارنة أرباح المحروقات، وبتكاليف التعويض، بل تقاس بمقدار أثر ارتفاع المحروقات على ارتفاع الأسعار عموماً.. 

الاقتصاديون السوريون قبل الأزمة، كانوا يقدرون بأن ارتفاع أسعار المازوت فقط بنسبة 1%، يؤدي عملياً إلى ارتفاع في المستوى العام للأسعار في السوق السورية بمقدار 0,4%، من المؤكد أن هذه المعادلة قد تغيرت اليوم، وأصبح أثر تغير سعر المازوت أعلى من النسبة السابقة، بسبب ارتفاع حساسية الأسعار في السوق تجاه التغيرات، وقدرتها على رفع السعر فوق حدود التكلفة، مع توسع مستوى الاحتكار، وقلة المنتجين..

إلا أنها تبقى فعالة لتقدير التغير في مستوى الأسعار بالحد الأدنى، بعد رفع أسعار المازوت بنسبة 33%، والتي سترفع المستوى العام للأسعار بنسبة 13% تقريباً وفق المعادلة السابقة.

وهذا يعني أن الأسرة السورية التي كانت تحتاج إلى 196 ألف ليرة شهرياً لتأمين حاجاتها الأساسية، وفق الوسطي المحسوب للمدن السورية الآمنة في شهر 4- 2016. ستحتاج بعد رفع أسعار المحروقات إلى 25 ألف ليرة إضافية تقريباً، بعد ارتفاع مستوى الأسعار بنسبة 13% بالحد الأدنى..

الوزير وغيره يعلمون..

وهنا كان حري بوزير المالية وغيره، قبل أن يقدر قيمة الـ 7500 ليرة كتعويض شهري لبعض الأسر السورية ممن يعيلها موظف، أن يقدر أثر ارتفاع أسعار المازوت على المستوى العام للأسعار..

وزير المالية وغيره يعلمون تمام العلم، بأن الـ 7500 ليرة ستنتقل من جيوب الأجور إلى جيوب الأرباح بأسهل الطرق، ومقابل كميات أقل من السلع والحاجات التي سترتفع أسعارها..

انتهت مسرحية (مساءلة الحكومة) من قبل مجلس الشعب، وبدأ القرار يأخذ مفعوله اعتباراً من تكاليف النقل، وخزّن السوريون غضباً جديداً لقادم الأيام..