عباد الشمس:(نص الألف: دولار) بفعل فاعل وبحجم (كارثة)..

استخدم السوريون تعبير (نصف الألف: دولار)، بمقاربة مع المثل الشعبي (نص الألف خمسمية) ليقولوا بأن اتجاه تخفيض قيمة الليرة أصبح (أمراً واقعاً)، بل وبشكل أوضح فإنّه أصبح (قراراً مبرماً). تدهور قيمة الليرة لم يعد حدثاً اقتصادياً فقط نناقشه من موقع الإجراءات والتغيرات، بل لطالما كان قضية سياسية، تتحول اليوم إلى (مسألة إنسانية) تتوضع إلى جانب العناوين الكبرى للكارثة الإنسانية السورية. فتدهور سعر صرف الليرة هو التعبير المكثف عن (سياسة الإفقار) للسوريين الموجودين في الداخل وتحديداً في المناطق الموجودة تحت سيطرة الحكومة، وما يقابلها من سياسة السعي للربح الأقصى، في بلاد لم يعد هناك ما ينهب فيها، إلا حاجات الناس الضرورية.

الجوع يتربص بالملايين وربما هذا ما يريده (رعاة الإفقار)، الذين لا يرون في عموم السوريين سوى قوى عاملة رخيصة الأجر، ومجموعات بشرية تسعى (للقمة الأكل) فقط لا غير، و(شعب صامد) للخطابات..

ارتفعت مستويات الأسعار المقاسة بسلة الحاجات الضرورية بنسبة 25.7% خلال الأشهر الثلاثة من العام الحالي، وتغيرت أسعار الغذاء بنسبة 40%، بينما ارتفع سعر صرف السوق السوداء تقريباً بمقدار 37,6%.. ما يعني بأن غذءنا الذي أصبح مستورداً بأغلبه، أصبح مرتبطاً بتغيرات سعر السوق السوداء، ومع كل ارتفاع يبلع الربح مزيداً من إمكانيات تأمين الغذاء.

الأسعار الإجمالية الأخرى قد تلتحق في القريب العاجل بالتغير في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، تحديداً مع إصرار الحكومة على (المتابعة بسياسة عقلنة الدعم وتصحيح الأسعار) كما أكد رئيس الحكومة مراراً، وتجري التمهيدات الإعلامية لرفع تكاليف المحروقات، والرفع الجديد لأسعار الكهرباء، وأسعار الاتصالات، وغيرها..

تعدت نتائج السياسات الليبرالية، الظلم والتفاوت والحرمان، ووصلت إلى حد الكارثة والجوع، فإلى أين يسير هؤلاء ممن يسعون وراء الربح الأقصى بشتى الطرق؟! ولماذا لا يبالون والطريق، واضحة المآلات، بالوصول إلى حدود الفوضى العارمة؟

ألا يكفي ما وصلت إليه البلاد جراء هذه السياسات المتبعة على مدى السنوات الماضية.