13،5 مليون تضرروا من الحرب مباشرة والسوريون ليسوا مجرد أرقام
سمير علي سمير علي

13،5 مليون تضرروا من الحرب مباشرة والسوريون ليسوا مجرد أرقام

خمسة أعوام من الآلام والمواجع عاشها الشعب السوري، وبدأ عام سادس يقرع أبوابه عليه، وهو ما زال يعاني من أسوأ كارثة إنسانية على مر العصور، وجل ما منّ عليه العالم خلال كارثته هذه هو المزيد من الآلام والمعاناة، وبعض التقارير هنا وهناك، التي تتحدث بلغة الأرقام المجردة عن كارثته.

تعددت مصادر الإحصاء الرقمي وتنوعت، بتنوع وتعدد الجهات الفاعلة والمستفيدة من كارثتنا، وعلى ذلك فإنه من الصعب الاعتماد على أي منها على أنه ذو مصداقية، يمكن البناء عليها، وخاصة تلك الأرقام والبيانات والإحصاءات الصادرة عن مراكز وجهات يشك أصلاً بأهليتها للقيام بالعمليات الإحصائية، ناهيك عن الجهات المستفيدة من الأزمة والكارثة، حيث تقوم على تضخيم بعض الأرقام، كما وتقوم على تقليص أخرى، حسب ما تمليه عليها مصلحتها، سياسية كانت أو اقتصادية أو أمنية وعسكرية وغيرها، بالتوازي مع مصلحة حلفائها أو أتباعها.

وعلى الرغم من ذلك لا بد من الإضاءة على بعض التصريحات والأرقام المعتمدة من قبل الأمم المتحدة ومنظماتها، أو من بعض الجهات والمراكز الموثوقة نوعا ما، من أجل الوقوف على بعض حقيقة هذه الكارثة، وتداعياتها ومفاعيلها.

المفوض السامي لشؤون اللاجئين

 

قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بأن «الأزمة السورية هي أكبر أزمة إنسانية وأزمة لجوء في عصرنا، وهي تشكل سبباً دائماً لمعاناة الملايين، ويجب أن تحظى بدعم من دول العالم»، مضيفاً: « أن التسوية السياسية هي الوحيدة القادرة على إنهاء المعاناة».

كما قال: «بعد خمسة أعوام، أدى الصراع السوري إلى انتشار 4.8 ملايين لاجئ في البلدان المجاورة، ومئات الآلاف في أوربا، وإلى نزوح 6.6 ملايين شخص داخل سورية».

اللجنة المستقلة للتحقيق بأحداث سورية

 

وفي تقرير لـ باولو سرجيو، رئيس اللجنة المستقلة للتحقيق في أحداث سورية والتابعة للأمم المتحدة، في حزيران 2015 قال: «يبقى المدنيون هم الضحايا الرئيسيون لدائرة العنف المتنامية. إن السوريين يفقدون أرواحهم، منازلهم ومصادر دخلهم في صراع يقل فيه، إن لم نقل ينعدم، الالتزام بالقوانين الدولية. إن فشل الأطراف المتنازعة في حماية المدنيين، بالإضافة لما يبدو وأنه قرار متعمد في تعريض حياة المدنيين للخطر، أدى إلى معاناة يصعب وصفها».

الأونروا

 

وفي بيان مشترك عن الأونروا، صادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 11/3/2016 أنه «قُتل ما يربو على الربع مليون سوري، وحوالي 4,6 مليون سوري لا يستطيعون المكوث في منازلهم وفقط قلة منهم تصله المساعدات، وعلاوة على ذلك، هرب أكثر من 4,8 مليون من بلادهم. أصبحت سورية اليوم مكاناً مختلفاً، في بعض الأماكن لا يمكن التعرف عليها، وسوف تستغرق أجيالا لإعادة بنائها».

كما ورد بمتنه: «نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع في المناطق الشمالية لحمص وحلب، حيث يوجد حوالي 500 ألف نسمة محاصرون خلف خطوط المواجهة الأمامية، وحوالى مليوني نسمة في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية».

اليونيسيف

 

وفي تقرير لليونيسيف في مطلع آذار 2016 ورد التالي: «الأطفال الذين يعانون نتيجة الحرب متعددة الأطراف قد وصل إلى حوالي 8.4 مليون طفل»، وبأنه: «طفل من أصل ثلاثة أطفال ولدوا في السنين الخمسة لم يعرف غير أزمات بلاده وتداعيات الحرب الخطيرة»، كما أشار إلى أن: « أكبر كارثة تواجه الأطفال حالياً هي حصولهم على التعليم، حيث يوجد أكثر من مليوني طفل في سورية لا يحصلون على التعليم، بالإضافة إلى 700 ألف في الخارج كذلك».

الأمم المتحدة

 

ووفقاً للأمم المتحدة فإنه: «من 23 مليون نسمة كانوا يعيشون في سورية عام 2011، ما يقرب من 60 %، أي 13.5 مليون منهم تضرروا من الحرب أو اضطروا إلى مغادرة منازلهم هرباً من القتال والاضطهاد».

مركز فيرل- ألمانيا

 

وحول أعداد القتلى الأجانب على الأراضي السورية، أشار مركز فيرل للدراسات في ألمانيا إلى أنه: «منذ نيسان عام 2011 ولغاية نهاية الشهر الأول من العام الحالي، وصل عدد القتلى الأجانب إلى نحو 52 ألف مقاتل، ينتمون إلى 19 جنسية عربية وأجنبية، وذلك من أصل 360 ألف مقاتل أجنبي دخلوا إلى سورية لقتال الجيش السوري».

المركز السوري لبحوث السياسات

في متن تقرير المركز السوري لبحوث السياسات: «نتائج مسح حالة السكان، الذي أجري في منتصف 2014، أشارت إلى أن 1.4% من السكان فقدوا حياتهم، 11.4% منهم أطفال، ما رفع معدلات الوفيات من 4.4 بالألف عام 2010، لتصل إلى 10.9 بالألف عام 2014». وأشار إلى أنه «بحلول نهاية عام 2015، يصل عدد الجرحى إلى 1.88 مليون شخص، كذلك يُقدَّر أن نحو 11.5% من السكان تقريباً داخل سورية تعرضوا للقتل، أو الإصابة، أو التشوّه نتيجة النزاع المسلح».

الجهات الرسمية السورية

 

لم يصدر أي رقم رسمي سوري عن الضحايا أو اللاجئين والمهاجرين وغيرهم، وجل ما صدر هو بعض التقديرات من هنا وهناك، وقد أشار الدكتور شفيق عربش، المدير العام السابق للمكتب المركزي للإحصاء، وذلك في حديث لصحيفة الأخبار، إلى أنه: «لا يمكن إحصاء ضحايا الحرب بدقة ما لم تدخل البلاد في مرحلة الاستقرار وانتهاء الأعمال القتالية بالكامل، وأتوقع آنذاك أن تظهر أمامنا كثير من القضايا، التي لم نكن نتصورها».

تقرير SBS نيوز الاسترالية

هو تقرير اقتصادي، وهو يعبر عن الحقيقة الرقمية التي يتم تداول مأساتنا عبرها، حيث تناول الكلفة الاقتصادية للحرب على سورية، وتراجع متوسط الأعمار، وانخفاض الناتج المحلي للفرد السوري، وغيرها من الأرقام، مع الإشارة إلى إمكانية ارتفاع التكلفة بحال استمرارها إلى عام 2020، وربط ذلك كله بإعادة الإعمار.

لعل هذا التقرير وغيره من التقارير الاقتصادية، يشير بدلالة واضحة إلى ما تعنيه الكارثة الإنسانية التي نعيشها كسوريين بعيون أصحاب الرساميل وتجار الحروب والأزمات، من بلدان ومنظمات وأفراد، وأدواتهم المحليين والإقليميين والدوليين، حيث لم يخف تلك الوقاحة الجافة بتمرير فكرة استمرار الحرب حتى عام 2020، مع ما يمكن تحقيقه من عائدات اقتصادية إضافية، وخاصة على مستوى إعادة الإعمار، هكذا وبكل بساطة تغدو مأساتنا سلعة رقمية في بورصات المصلحة الاقتصادية لهؤلاء الفاشيين الجدد، وأدواتهم.

بارقة الأمل

 

لم تعد الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري منذ خمسة أعوام وحتى الآن إلا أرقاماً على سطور التقارير، يتم جمعنا وطرحنا وقسمتنا بها، كما يحلو لمعديها ومروجيها والمستفيدين منها، بعيداً عن كوننا بشراً من لحم ودم، ومشاعر إنسانية، وبأن هذه الجغرافيا التي يتحدثون عنها بجفاف الأرقام المجردة ما هي إلا وطننا الذي نشأنا وعشنا به وتغنينا به ودافعنا عنه، واسم سورية بالنسبة لنا ليس جغرافيا جافة أو رقم مجرد، بل وطن وجذور ومستقبل أبناء وأحفاد.

وعليه فإنه ليس من المبالغة القول بأن بارقة الأمل المفتوح الآن، والمتمثل بالحل السياسي الشامل المرتقب، لن يخرجنا من أزمتنا ومعاناتنا وحسب، بل سوف يضع حداً أمام هؤلاء الذين يعتبروننا مجرد أرقام على سطورهم القذرة.