الخصخصة هي الاستثمار الأسهل .. الهدف الحالي المصارف العامة!
قالت صحيفة محلية أن وزير السياحة كشف لها عن (انعقاد اجتماع مع ممثلين عن وزارة المالية ومصرف سورية المركزي والمصارف، لإيجاد حلول لمشاكل المشاريع المتوقفة والمتضررة).
وبين الوزير وفق الصحيفة أن (اللجنة خلصت إلى وضع توصيات سيتم رفعها للجنة الاقتصادية، بعد دراستها من مصرف سورية المركزي، منها اقتراح أن يتم تعديل بعض قرارات المصرف المركزي مثل السماح للمصارف الخاصة بشراء القروض المتعثرة من المصارف العامة...) بالإضافة إلى جملة من التوصيات، نقلت عن الوزير تهدف إلى إنعاش المشاريع المتعثرة على حد ما نقل!.
في هذا السياق ينبغي توضيح: أن فتح الباب لبيع ديون المصارف العامة إلى المستثمرين للمصارف الخاصة، والذي يراه البعض إنقاذاً للمصارف العامة ويقدم حلاً سهلاً وسريعاً للديون المتعثرة، هو شكل من أشكال بيع أصول القطاع العام المصرفي، بما يحمله ذلك من أبعاد خطيرة باتجاه فتح الباب التدريجي للخصخصة أو لاسمها الحركي (الشراكة).
ومن البديهي القول: أنه ليس بالضرورة أن تكون الطريقة المثلى لتحصيل هذه الديون، أو درء مخاطرها، على مصارف القطاع العام، أن يفتح باب الاستثمار بها، وإن كان ذلك سيتم بمقابل مادي معين، فهو فعلياً نمط جديد من أنماط الشراكة، التي ما فتئت تعزف الحكومة على وترها. كما إن الاستثمار في بيع الديون للقطاع الخاص المصرفي، تفتح الباب لنمط جديد من التربح، قائم على المضاربة بالسندات، بما يحمله ذلك من مخاطر، تدفع النشاط المصرفي للاستثمار والمضاربة في هذه المجالات، وترك مجالات الإقراض لأجل التشغيل في قطاعات الإنتاج الحقيقي.
إن مضمون هذه الشراكة هو أمر خطير، فهو لا يختلف عن مضامين قانون الشراكة للقطاع العام الصناعي، والذي يمهد لهيمنة تدريجية للقطاع الخاص على العام، لكن هذه المرة في القطاع المصرفي، الذي تعتبر حصة القطاع العام فيه هي الحصة الأكبر من سوق المصارف، مقارنة بالقطاع المصرفي الخاص.
إن فتح الباب لهذه الشراكة، يأتي من جديد، من باب استغلال الأزمة وظروفها لإيجاد أي حل، ولو كان على حساب دور القطاع العام وتصفيته أو إضعافه، والذي كان القطاع المصرفي منه مهيمناً على السوق، وهو قطاع رابح تاريخياً، وفيه فوائض وادخارات كبرى، وما فتئت الحكومة مؤخراً تتحدث عن عودة ودائعه لمتسويات ما قبل الأزمة، ما يفتح التساؤل حول جدوى بيع هذه الديون للقطاع الخاص في هذه اللحظة؟!.
لقد نُقل عن وزير الصناعة في أحد المؤتمرات النقابية مؤخراً، تأكيده: أنه رغم إقرار قانون التشاركية، وإعطاء القطاع الخاص فرصة الاستثمار في القطاع العام الصناعي، إلا أن القطاع الخاص أحجم عن ذلك، وهو ما يثبت أن حلول الخصخصة والتشاريكية ليست هي أدوات مثلى للتكيف مع الأزمة وعودة التشغيل، بل تكمن الحلول في معالجة أسباب أخرى كالأوضاع الأمنية، واستقرار سعر الصرف، وتأمين تمويل القطاع العام الخ الخ... وبالتالي: إن اجتراح هكذا حل للقطاع العام المصرفي: ما هو إلا تكرار لتجربة خلقت عرجاء، حتى اللحظة باعتراف رسمي!