(ناقص): استثمار ـ تكنولوجيا ـ عمال مؤشرات التوسع الصناعي سالبة..
تعزي وزارة الصناعة في استراتيجيتها الصناعية، أسباب تراجع القطاع العام الصناعي في سورية إلى (الترهل الإداري) بحسب توصيفها حيث ذكرت: (أن فقدان المبادرات وعدم تحقيق الخطط الاستثمارية التي من شأنها تطوير المستوى التكنولوجي، التسعير الإداري والعبء الاجتماعي وحجم العمالة ومستواها التعليمي كان لها دور مهم في نتائج أعمال الشركات).
تقول الوزارة محقة بأن مشاكل القطاع العام الصناعي لا ترتبط بالأزمة فقط بطبيعة الحال بل هي سابقة لها، إلا أن التوصيف الدقيق للمشكلة، هو الخطوة الأولى للحل، أما التوصيف الخاطئ فنتيجته ستكون اعتماد استراتيجيات فضفاضة بأحسن الأحوال، وبالتالي نتائج سيئة لاحقاً، وهو ما لا نتمناه، وبناء عليه نقدم للنقاش مؤشرات نرى بأنها أهم أسباب تراجع القطاع العام الصناعي علّ معالجتها تكون فاتحة لإقلاع جدي للصناعة العامة.
تراجع الإنتاج
نتيجة حتمية لتراجع الاستثمار
تراجع الإنفاق العام الاستثماري على القطاع العام الصناعي تراجعاً كبيراً وواضحاً، بشكل لا يمكن أن نعتبره طفرة، بل هو قرار واضح وتغيير في السياسات، وإعلان عن تراجع الاهتمام بالقطاع العام الصناعي وتراجع الرغبة في توسيعه.
حجم الإنفاق الاستثماري
الصناعي العام سنوياً
بلغ حجم الإنفاق الاستثماري الصناعي العام سنوياً على الشكل التالي:
8,3 مليار ل.س: 2005 التراجع: -36%
5,3 مليار ل.س: 2010
1,4 مليار ل.س: 2015 التراجع: -73%
تتراجع عملياً مخصصات القطاع العام الصناعي من الموازنات الحكومية منذ التسعينيات تقريباً، وتنخفض تحديداً نسبتها من الإنفاق في الموازنة. أي عملياً العنصر الأساسي في توسع القطاع العام الصناعي كان بحالة تراجع مستمرة، ومن غير الممكن تحقيق توسع في نمو أي قطاع اقتصادي، دون أن تتوسع مخصصات الاستثمار فيه!، وهذا هو السبب المنهجي والأبرز في تراجع القطاع العام الصناعي.
التخلف التكنولوجي
تشير الاستراتيجية إلى أن الترهل الإداري كان يؤدي إلى عدم متابعة التكنولوجيا الحديثة وعدم استيرادها، وبالفعل فإن جزءاً كبيراً من مخصصات الإنفاق الاستثماري كانت لا تنفق فعلياً، إلا أن الاتجاه الواضح نحو عدم تعويض الآلات المستخدمة في القطاع العام الصناعي، لا يعتبر مسؤولية الإدارات فقط، بل يظهر في صلب السياسة الاقتصادية تجاه القطاع العام، والتي يعبر عنها ما يسمى معدل اهتلاك الآلات، وهي النسبة التي تحدد للقطاع العام الصناعي ككل، ليقوم بوضع مخصصات ليعوض استهلاك آلاته ويقوم بالادخار لآلات جديدة.
وهذه النسبة كانت في عام 2005: 5% سنوياً، أي أن 5% فقط من الناتج الصناعي تذهب لتعويض استهلاك الآلات، ثم انخفضت هذه النسبة إلى 3% عام 2010. ما يدل على تراجع واضح في القاعدة التقنية للإنتاج في القطاع العام الصناعي، دون قرار بتوسيعه من خلال زيادة نسبة الاهتلاكات ومخصصات التجديد!
كما يعتبر هذا المؤشر التفسير الأوضح لوجود (العمالة الفائضة)، حيث أن التوقف عن توسيع القاعدة التقنية في الصناعة السورية خلال العقود الأخيرة، سيؤدي حتماً إلى تحول القوى العاملة الموجودة إلى أداء إنتاجي منخفض، على اعتبار أن رأس المال الثابت هو المنطلق الأساسي لتقدم إنتاجية العامل.
إن حصة تجديد الآلات والمعدات الجديدة في الصناعة العامة التحويلية عام 2010 لم تتعدى 7,4% من إجمالي الإنفاق على القطاع العام الصناعي، وهي لم تكن أفضل في عام 2002 على سبيل المثال حيث كانت نسبتها 9%، إلا أن الاتجاه العام هو نحو التراجع.
أي عملياً الثغرة التكنولوجية لا تعود إلى ترهل الإدارات، بل تعود إلى سياسة اقتصادية بتقليص الإنفاق الاستثماري العام على القطاع الصناعي العام وتحديداً الصناعات التحويلية، وعلى مخصصات الإنفاق على الآلات والمعدات فيه تحديداً، وتظهر من نسبة الاهتلاك المنخفضة، التي تحدد حجم الادخار المخصص لتجديد القاعدة التقنية في الاقتصاد العام، ومجمل هذه المؤشرات لا تحدد من قبل الإدارات، بل تحدد من واضعي السياسات!.
نقص العمالة
كانعكاس لما سبق من مؤشرات يبرز مؤشر تقلص العمالة في القطاع العام الصناعي بشكل كبير، فعدد العمال في القطاع الصناعي العام – الصناعات التحويلية مر بثلاثة مراحل:
1970-1985: +136%
مقابل كل 100 عامل في عام 1970 وُظّف 136 عامل جديد.
1985-2000: +3%
مقابل كل 100 عامل وُظف 3 عمال جدد فقط!
2000- 2010: -14%
مقابل كل 100 عامل خسر القطاع العام الصناعي 14 عاملاً، ولم يتم تعويضهم في القطاع العام الصناعي.