عبّاد شمس: طريق الغرب.. معبّدة بالليبرالية والمساعدات!
إن أهم معيار للسيادة الوطنية في بلد ما، هو كرامة شعبها، وتكرار هذا يبدو ضرورياً أمام التجاهل الفج لكون أكثر من 16 مليون سوري يعتمدون على المساعدات بين من هم في الداخل والخارج، وفق أرقام أعلنتها مديرة برامج الأمم المتحدة في مؤتمر جمع (مانحي الهبات) للشعب السوري في الكويت.
والمتجاهِلون طبعاً هم كل من يضع نفسه في موقع المدافع عن السيادة الوطنية، والمسؤولون عن إدارة موارد جهاز الدولة السورية، الذي لا يزال قائماً وقادراً على تعبئة موارد لمهمة وطنية من الدرجة الأولى مثل إغاثة السوريين.
جمعت خطط الأمم المتحدة أموالاً من المانحين بمقدار 9,5 مليار $ خلال ثلاث سنوات، تشكل أموال الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج ممثلة بالكويت نسبة تفوق 85% منها، وهؤلاء (المانحين) هم في مقدمة القوى الدولية والإقليمية التي فرضت العقوبات على السوريين وحاصرتهم اقتصادياً لتخسرهم مئات مليارات الدولارات، بدعمها للحرب، وأعاقتها للتسويات!.
فكيف يستقيم أن تكون الدول المحاصرة والمساهمة بالعنف، هي الدول المُعتمدة لإغاثة السوريين؟! أليست بهذا تدفعنا عملياً إلى الركون للمساعدات واعتمادها كطوق نجاة وحيد؟! يدعمها بذلك التجاهل الحكومي شبه التام لأهمية هذا الملف، واعتمادها في إغاثة السوريين على المساعدات الدولية من المانحين مع التزامها التام بالسياسات الليبرالية التي تناسب هؤلاء.
تثبت تجارب الدول التي خاضت حروباً وإعادة إعمار، كما في أفغانستان على سبيل المثال لا الحصر، أن المساعدات الإنسانية ليست ملفاً إغاثياً عابراً أو إجرائياً، تحديداً عندما تكون خارج النشاط الحكومي، وتنعزل عن النشاط الاقتصادي التنموي العام، وعندما ترتبط بسياسات اقتصادية ليبرالية أحد عناوينها الرئيسية تخفيض الإنفاق العام، لتتحول الدول الرازحة تحت الحرب، إلى الارتباط الوثيق بالمساعدات الطارئة وغير المنتظمة، لتأمين حاجات سكانها، مع كل ما تعانيه هذه المساعدات من ثقل أجندات المانحين السياسي، وتأجيل مهمات التنمية الضرورية، حتى وصل تسييس المساعدات في تجارب أخرى، إلى شراء الذمم وفساد القوى السياسية الممولة لتساهم في تأجيج وخلق الصراعات لاحقاً.
الوقائع اليوم توضح وهن المساعدات الدولية التي لا تصل إلى 10 مليار $، مقابل حاجات السوريين من جهة، ومقابل الموارد المالية المتاحة التي يوضح تقدير أولي لها أنها تزيد عن 45 مليار $ تسمح بإغاثة السوريين بكرامة، وبإطلاق برنامج (اقتصاد حرب) يزيد قدرات البلاد على إنتاج الحاجات وتأمينها. وذلك فيما لو تخلى أصحاب القرار في الاقتصاد السوري عن التزامهم بسياسات الغرب الليبرالية، وإذا ما ألغى الغرب حصاره اللاإنساني.