جميعة العلوم الاقتصادية .. كيف يُغيّب المرء العقل في الظلام؟!
خلال العقود الماضية التي سادها حال من الركود السياسي بين النخب والأحزاب السياسية وحتى الفكرية، كانت جمعية العلوم الاقتصادية بمثابة منبر يبحث في قضايا اقتصادية اجتماعية حيوية.
أبرزت جميعة العلوم الاقتصادية وإن بشيء من الضيق أن المجتمع السوري لازال فيه من الحيوية ما يكفي لأن تثار كبرى التساؤلات وإن بين جمهرة قليلة من الحاضرين ولو تحت منظار الرقيب. كما أظهرت من النشاط ما يكفي لجذب العديد من الشباب، طلاب وخريجي كليات الاقتصاد بحثاُ عن الربط العميق بين الاقتصاد وسياساته التي غابت عن مقررات جامعتهم التي حذفت تاريخ الفكر الاقتصادي والاقتصاد السياسي.
تناولت الجمعية أهم المواضيع المتعلقة بكبرى التحديات الاقتصادية التي واجهت البلاد خلال أربعة وعشرين عاماً إلى حين تم تكميمها بيد الرقيب في ربيع عام 2011، حيث بات البعض يخشى أن يتحول هذا المنبر إلى منبر سياسي، وربما أريد لها السكوت حتى لايقض مضجع المتنفذين وربط الجانب السياسي بالوضع الاقتصادي والذي كرسته الجمعية إيماناً بدورها الحقيقي كمنظمة (مجتمع مدني) فاعلة حقيقية تمارس دوراً وظيفياً في عكس مصالح المجتمع على تناقضاتها. لايستطيع أحد أن ينسى كيف حركت النقاشات الحادة التي خيضت بوطنية وديمقراطية من قبل معظم من شاركوا فيها محاضرين ومداخلين ومستمعين، شيئاً من المياه الراكدة في المجتمع السوري.
توقفت محاضرات الجمعية منذ عام 2012 تقريباً، ليحل محلها محاضرات في دوائر مغلقة، يتم اختيار المدعويين إليها بالاسم.
فقد مجلس إدارة الجمعية شرعيته بتوقفه عن العمل العلني عبر المحاضرات العامة، ما يقلص من دور الجمعية التي تأسست عام 1965 واتخذت من دمشق مقراً لها، وهذا بقرار (من فوق) في عز حاجة الشعب السوري إلى الفكر الحقيقي، وحاجته لحث النخب السياسية والاقتصادية والفكرية لعدم تغييب الصراع الاقتصادي والاجتماعي أمام ضغوط الحرب والفساد والإرهاب.
لمصلحة من يُغيّب المرء شيئاً من منارة العقول في عز هجمات الظلام؟! لا زالت الجمعية وأصدقاؤها وروادها ينتظرون رداً على تساؤلهم ذلك من مجهول!