الدولة منتج وموزع ومراقب..
الضرورة تستدعي دائماً والآن تحديداً أن تقوم الدولة بكل مهماتها المتعلقة بالشأن الاقتصادي على أكمل وجه، فهذه المهمات مرتبطة ببعضها ومتكاملة، لكنها تعتمد بشكل أساسي على قدرة الدولة الاقتصادية، والتي لا تعزز بالموارد النفطية أو بأخذ الضرائب، أو باستجرار المستثمرين، تعزز فقط بدور إنتاجي حقيقي، يكمله دور توزيعي قوي ومتطور، ومتكيف مع كل متطلبات عملية التوزيع، أما الجانب الثالث فهو عملية الرقابة، أي أن تتابع الدولة مستوى أدائها وأداء الفاعلين في السوق، وهي مهمة لا تتم بلا دور شعبي فعال.
تعتمد الدولة على مؤسسات محددة لتقوم بمهمة التوزيع، وهي ماتسمى مؤسسات التدخل الإيجابي في الأسواق، وأهمها مؤسستا الخزن والتسويق والمؤسسة الاستهلاكية، إلا أنه من الواضح أن هذه المؤسسات غير قادرة على التكفل بهذه المهمة بمستوى الدعم المقدم لها حالياً. ويرجع السبب الجوهري أن هذه المهمة معزولة عن المهمة الأولى المرتبطة بها وهي إنتاج الدولة الواسع الذي من المفترض أن يرفد هذه المؤسسات، وينقصها من جهة أخرى أن تتمتع بالمرونة التي تتطلبها إدارة عملية البيع التي يتمتع بها منافسها الأساسي وهو التاجر في السوق.. ولم تعط المرونة التي تطالب بها إلا فيما يتعلق بطرق استثمار صالاتها، وإعطاء فرص مهمة لتجار وموردين يحصلون على صالات كبرى وبمناطق هامة، مقابل «حصة» على شكل نسب لهذه المؤسسات من الأرباح، مع كل ما يتحمله هذا النوع من العقود من تجاوزات، تبدأ من النسبة المنخفضة، وتصل إلى عدم دقة برقم المبيعات، وسهولة تجاوز «الرقابة» الواهية لجهاز الدولة أمام سطوة المستثمرين بأنواعهم..