النمو الاقتصادي ليس مؤشراً إيجابياً بالضرورة!
الخطة الخمسية العاشرة أنهت مهامها ومهلتها الزمنية بعد خمس سنوات قاسية على السوريين عموماً، وشكلت تحولاً في مجال التخطيط الاقتصادي في سورية، وفي السياسات الاقتصادية، فالنمو من أهم المؤشرات الاقتصادية بالتأكيد، وانطلاقاً منه سنبدأ بمحاسبة الخطة الخمسية العاشرة، فمتوسطه بلغ 5.7% خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة (2006 – 2010)، حسب آخر الأرقام، وهذا الرقم ليس بالبسيط، لا بل إنه يعدّ من أرقام النمو المرتفعة نسبياً على المستوى العالمي، وإذا افترضنا مصداقية هذا الرقم من عدمه، فإن تحققه في سورية يفترض انعكاسه الإيجابي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ولكن،
هل تحقق هذا الانعكاس الإيجابي على الاقتصاد والمواطن السوري على حدٍ سواء؟! وإذا لم يتحقق، فمن حقنا أن نسأل: أين انعكس هذا النمو؟!. ومن المستفيد منه؟!
تركيز بعض الأوساط الاقتصادية ينصب على معدل النمو، والتي تعتمده كمؤشر لنجاح التخطيط والتنفيذ الاقتصادي معاً، متناسية في الوقت عينه التأثير الإيجابي المفترض لهذا النمو الذي لا يشعر به عموم شرائح المجمع السوري اليوم، فاعتماد رقم النمو كمؤشر للإنجاز الاقتصادي ما هو إلا هروب للإمام، لأن النمو لا يتعدى كونه مؤشراً فضفاضاً لا يمكن اتخاذه كمقياس للإنجاز، إذاً فالقضية لا تتعدى كونها تبريراً للسياسات الاقتصادية، بدلاً من كون رقم النمو المعبر عن حقيقة تطور مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية.
تركيز الدول الأوروبية على معدل النمو كمؤشر للتطور الاقتصادي والاجتماعي، قد يكون مبرراً بالنسبة لهم، ولكن تطبيق المبررات نفسها لدينا غير واردة بالتأكيد، لأننا ما زلنا بلداً في مرحلة الصعود والتطور الاقتصادي، كما إننا نمتلك اقتصاداً هشاً ومتخلفاً، ومجتمعنا يعاني من العديد من المشكلات الاقتصادية الاجتماعية المتشعبة، أي أن متطلبات التنمية لدينا تختلف تماماً عن متطلباتها لديهم، وهذا يتطلّب التركيز على عملية التنمية لا النمو، فالمطلوب هو التنمية الشاملة القادرة على تأمين انتشال 10% من السوريين من حافة البطالة والفقر، وتأمين الطبابة المجانية وغيرها من المؤشرات البشرية، والتي أثبتت التجربة أن معدلات النمو وحدها لا تكفي تحقيق إنجازات واختراقات في هذه المجالات الضرورية الآن.