نحن هنا ولنا دورنا
يلتقي حل جميع الأزمات السياسية والاقتصادية- الاجتماعية اليوم، عند مفصل أساسي هو ضرورة ولادة الإبداع النوعي الشعبي..
يحمل التاريخ الكثير من الدلائل على أن الضرورة تولد الإبداع، والتاريخ لا يزال ينتظر ما يحمله السوريون من حلول إبداعية لأزمتهم العميقة وأزماتها الفرعية..
هل سيترك السوريون اليوم بلادهم لتسوقها وتسوقهم موجات التطرف، وهل سيتركون كاسبي الغنائم، ليلتهموا مكاسبهم وجهدهم الذي به، وبه فقط بنيت هذه البلاد!! في الوقت الذي تعلن الفوضى نفسها اليوم سيدة الموقف، تبقى الفوضى الأمنية هي العنوان الأبرز، إلا أن الفوضى الاقتصادية – الاجتماعية هي الأكثر انتشاراً واحتكاكاً بمعيشتنا وتأثيراً على حياتنا. هناك من يسحب من الدولة، مهماتها في الحماية والضبط والتنظيم، وتأمين المعيشة، وعلينا أن نعيد حماية وتفعيل هذه المهمات، والعملية يبدو أنها بحاجة إلى عملية عكسية أي «من تحت لفوق»، على عكس ما تعوّد عليه الشعب السوري للأسف، بعد أن سحبت منه زمام المبادرة، ورفعت طويلاً شعارات ضبابية تقول بأن جهاز الدولة ومصالحنا ومكاسبنا وثرواتنا في أيد أمينة، ولطالما كان واضحاً للسوريين، بأن هذه الأيدي الأمينة ليست أمينة بما يكفي، أو ليست قادرة ومؤهلة لتواجه من يريدون استلاب الدولة من الشعب.
ما كان واضحاً يتضح اليوم أكثر، ويتأزم ليصل إلى الحد الذي يتطلب إعادة الشعب السوري لأخذ زمام المبادرة.
إذا ما كانت الاختناقات ملعباً يستفيد منه أصحاب النفوذ وأزلامهم لبناء الثروات، فيجب أن نحولها إلى ظرف يتطور فيه العمل الشعبي الطوعي والنوعي، الذي يتصدى لمهمات تبدأ من البحث عن الثغرات، وتنتهي بسدها، وتصل إلى قطع اليد المسؤولة عن فقداننا لحقنا الطبيعي في مواد أساسية. يمكن للسوريين أن يبدؤوا، بتشكيل لجان أحياء جدية ومسؤولة، تتابع تأمين المواد الأساسية وتتواصل مع جهاز الدولة، لتراقب وتتابع وتعرف حقوقها كاملة، وتسد مواضع الضعف في هذا الجهاز، وفي مقدمتها الرقابة، وستؤدي هذه العملية تلقائياً إلى تطور هذا الدور الشعبي بناء على الضرورة، ففي المكان الذي يكفي فيه المراقبة والمتابعة، قد تكون العملية بسيطة، إلا أن بداية عمل من هذا النوع، تستوجب أن يصل إلى تشكيل قوة ضغط حقيقية لسد الثغرات الكبرى، والضغط على مواضع الفساد الكبير، لأن مهمة من هذا النوع، هي مهمة وطنية ولا يمكن أن تتم إلا بوزن نوعي هو وزن أصحاب الشأن وهم نحن الشعب السوري.