المحروقات.. فخر الإيرادات الحكومية..!!

المحروقات.. فخر الإيرادات الحكومية..!!

تباهت الحكومة في موازنة عام 2014  بتقديرها أنها ستحقق نمواً كبيراً في  الإيرادات  وذلك في بند (فروق الأسعار) أي المبالغ التي تحققها الدولة من بيعها لمواد المحروقات التي تقوم بتوزيعها وقد حددت الموازنة (المازوت والبنزين) من بينها على الرغم من أن القائمة تضم أيضاً أسطوانات الغاز المنزلي والفيول التي ارتفعت أسعارها أيضاً..

قدرت الحكومة أن وفوراتها في عام 2013 كانت 9,5 مليار ل.س فقط، وأنها ستبلغ في عام 2014 : 185 مليار ل.س.
من المفترض ان نناقش رقم الحكومة هذا لأن جميع التقديرات مع كل رفع لأسعار المازوت أو البنزين خلال العام السابق  كانت أبعد من هذه الأرقام الحكومية بكثير، ولأن قيمة تحصيلات الحكومة من مستهلكي المحروقات مع الشكل الذي تستخدم به هذه المبالغ هي محدد أساسي من محددات شكل توزيع الثروة، الذي يبدو أنه ينحرف بتواتر كبير خلال الأزمة بعكس مصالحنا..

مئات المليارات من الجيوب.. للحكومة.. ثم إلى أين؟!

رفعت الحكومة خلال العام الماضي أسعار المشتقات النفطية في عدة جولات، وكانت الذريعة الدائمة المطروحة هي التكاليف الكبرى التي تتحملها موازنة الدولة جراء بيع المشتقات النفطية بأسعار (منخفضة ومدعومة) مقارنة بارتفاع تكاليف الليتر من المازوت أو البنزين أو أي وحدة من وحدات المشتقات النفطية خلال أعوام الأزمة..

ارتفعت فعلاً كلفة تأمين المحروقات وبشكل كبير انطلاقاً من توقف الإنتاج بشكل كامل وبالتالي فإن نسبة 60% من المازوت المنتج محلياً بتكلفة منخفضة قد توقفت، والبنزين الذي كان ينتج بالكامل محلياً والذي كان يحقق فائض تصديري قبل الأزمة قد تحول إلى مادة مستوردة بالكامل.. يضاف إلى ذلك ارتفاع كلف عملية الاستيراد مع ارتفاع سعر الصرف والعقوبات الاقتصادية.
ينبغي التدقيق..
لذلك تملك الحكومة المبررات الموضوعية والمنطقية للقول بأن كلف تأمين المحروقات قد ارتفعت، ولكن هذا لا يبرر المنطق الذي سارت به العملية والذي يقول بأن ارتفاع الأعباء التي تتحملها الحكومة خلال الأزمة سيدفع ثمنه المواطنون السوريون بشكل مباشر وسيدفعون ثمنه إلى الحد الذي تتباهى به الحكومة بتحقيق ايرادات من بيعها للمازوت والبنزين فقط وبأرقام ليست دقيقة.. فالمبالغ التي دفعها السوريون لتخفيف أعباء الحكومة يجب على الأقل أن تعود لتدخل في الإنفاق الحكومي على حاجاتهم في موازنتها في العام اللاحق، ولكن هذا لم يحصل فالإيرادات سجلت والنفقات خفضت إلى الحد الذي يجعل موازنة عام 2014 نصف موازنة 2013 الحقيقية.
الحساب خطوة .. خطوة
 لحساب حقيقة ايرادات بيع الحكومة للمشتقات النفطية وتغيرات أسعارها خلال العام الماضي يجب أن نجري تقديراً للمتغيرات التي تحدد الكلفة وهي كميات الاستهلاك بالدرجة الأولى، وكلف استيراد الليتر في الدرجة الثانية، وتغيرات السعر الحكومي..

كميات الاستهلاك

تشير بيانات نقابات عمال النفط عن الربع الأول من عام 2013 إلى أن تراجع استهلاك المحروقات بالمتوسط انخفض بنسبة 60% عن استهلاك عام 2012، وبناء على أرقام استهلاك الربع الاول من عام 2013 وهي الفترة الأكثر استهلاكا ً للمحروقات والمازوت تحديداً، فإن كميات استهلاك المحروقات الرئيسية تبلغ الأرقام التالية:

نوع المشتق النفطي      رقم الربع الأول 2013         تقديرات 2013
المازوت                          758 مليون ليتر                3 مليار ليتر
البنزين                           375 مليون ليتر             1,5 مليار ليتر
الفيول                             660 ألف طن            2,6 مليون طن
الغاز                             8 مليون أسطوانة    32 مليون أسطوانة

مجمل المبيعات
• ارتفعت أسعار المازوت بنسبة 71% من 35-60 ل.س/لتر
146 مليار ل.س
مجمل الإيرادات الحكومية من مبيعات المازوت في عام 2013 وفق تقديرات تغيرات الأسعار بين مرحلتين سعر 35 ل.س حتى النصف الأول من العام، وسعر 60 ل.س في النصف الثاني.
• ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 53% من 65-100 ل.س/ليتر
117 مليار ل.س
مجمل إيرادات الحكومية من مبيعات البنزين في عام 2013 مع احتساب تغيرات الأسعار وفق ثلاثة مراحل من 55 ل.س إلى 65 ل.س ثم إلى 80 ل.س لمدة خمسة أشهر وصولاً إلى 100 ل.س في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام.
• ارتفاع أسعار أسطوانة الغاز بنسبة 200% من 400 -1200 ل.س للأسطوانة.
25,6 مليار ل.س
مجمل إيرادات الحكومة من مبيعات أسطوانات الغاز موزعة:  10 مليار ل.س حتى الشهر السابع بسعر 550 ل.س+ 15,6 مليار ل.س لخمسة أشهر بسعر 1200 ل.س.
• ارتفاع سعر الفيول بنسبة 270% من 13500 – 50000 ل.س للطن.
98 مليار ل.س
مجمل إيرادات الحكومة من مبيع الفيول موزعة:  11,6 مليار ل.س مبيعات بسعر 13500 للطن حتى الشهر الرابع+ 86,4 مليار ل.س مبيعات الفيول لثمانية أشهر بسعر 50 ألف ل.س للطن.
مجمل إيرادات الحكومة من مبيعات المحروقات تبلغ 386 مليار ل.س في عام 2013
ارتفعت أرقام تحصيل الحكومة من بيع المحروقات وارتفعت معها تكاليف استيراده، ومع ذلك كان رفع الأسعار أعلى ليحقق وفراً 9,5 مليار ل.س في عام 2013، إلا أن تكاليف الاستيراد الطارئة والتي أوصلت وفق تقديراتنا كلف استيراد المازوت والبنزين فقط إلى 250 مليار ل.س في العام الماضي لن تصل إلى هذا الحد في عام 2013، فمحددات رفع الكلف وهي ارتفاع سعر الصرف من جهة، وتوقف الإنتاج جميعها يجب أن تتراجع ليبقى للحكومة وفر كبير من رفع الأسعار..
ثم إلى أين..!
إذاً حصلت الحكومة 386 مليار ل.س من المحروقات ولا تنوي أن توزع دعم لمحروقات العام القادم إل بمقدار 40 مليار ل.س، وعموماً قلصت نفقات موازنة 2014 إلى نصف نفقات 2014.. حكومة تضع موازنة اختصار الإنفاق للنصف، وزيادة الايراد من المستهلكين لخزينتها فقط.. وكل ذلك في أزمة وطنية واقتصادية كبرى.. ترى إلى أين تذهب؟! وما مصير هذا الانحراف الكبير..

دعم 2014... ادعمونا بما دفعنا!!
بلغ رقم دعم المشتقات النفطية في موازنة عام 2014: 40 مليار ل.س فقط بينما تشير تقديراتنا إلى أن الحكومة قد حصلت على  386 مليار ل.س من أموال السوريين في عام 2013 أسعار محروقات..!! وهذه مفارقة كبيرة

فالدعم المقر في موازنة 2014 للمحروقات إذا ما وزع على كل من المازوت والبنزين بمستويات الاستهلاك المنخفضة الحالية فإن الحكومة ستدفع 8,8 ل.س دعم لليتر المازوت والبنزين ولن تقدم ليرة سورية واحدة دعم للفيول والغاز..
أي أن رفع الدعم قد تم عن مادتين من المحروقات بشكل تام، وإذا ما ازدادات كميات الاستهلاك وهو المتوقع في عام 2014 عام إعادة الإعمار، فإن الدعم سيتلاشى نهائياً..
توقعات مبيعات 2014
بفرض استمرار نسب الاستهلاك المنخفضة في عام 2013 في العام القادم فإن الحكومة ستحصل من مبيعات المحروقات الأرقام التالية:

المادة            قيمة المبيعات                  الدعم

                        البنزين          150 مليار ل.س      
المازوت          180 مليار ل.س      40 مليار ل.س                        
                        الفيول           130 مليار ل.س   
                         أسطوانات الغاز     38 مليار ل.س   
 
فإن إجمالي إيرادات الحكومة بتقديرات الاستهلاك بالحد الأدنى حوالي 500 مليار ل.س الوفر المحقق من بيع المحروقات بالسعر المرتفع، وسينخفض رقم الدعم 40 مليار ل.س مع كل انخفاض في سعر الصرف، ومع عودة الإنتاج بشكل تدريجي، لتكون عملية تحويل قطاع المحروقات إلى قطاع رابح وغير مدعوم في المستقبل قد حققت أولى خطواتها..
الموازنة توزع الثروة..!!
حصلت الحكومة على ما يقارب 386 مليار ل.س من المستهلكين أسعار محروقات في عام 2013 وهي تفوق مجموع الرواتب والأجور مع رواتب المتقاعدين.. بينما ستحصل الحكومة في العام القادم على 500 مليار ل.س بالحد الادنى لتوزع أجور ورواتب متقاعدين بمقدار 380 مليار ل.س تقريباً..
ستحصل الحكومة على موارد من مستهلكي المحروقات بمقدار 500 مليار ل.س وهي 11 ضعف ما ستحصل عليه من شركات الاتصالات وهو 40 مليار ل.س فقط ثابتة من العام الماضي..


آخر تعديل على الأحد, 01 كانون1/ديسمبر 2013 04:13