الضرائب على (الكبار).. خط أحمر

الضرائب على (الكبار).. خط أحمر

يثير الفضول مستوى "اللامبالاة" التي تجعل القرارات الحكومية في ظل الأزمة شديدة الانحياز لمصلحة الكبار وشديدة الجور على أصحاب الدخول البسيطة في انسحاب "غير هادئ" لجهاز الدولة من أغلب بقايا أشكال الدعم الحكومي الذي كان يصب بشكل غير مباشر في تحسين طفيف لمستوى الأجور المنخفض في سورية..

ما يثير الفضول ليس القرارات فقط.. فقد أصبح من الواضح لكل السوريين أن جهاز الدولة والبرنامج الاقتصادي للقائمين عليه هو لمصلحة قوى السوق الكبرى أينما وجدت (داخل الجهاز أو خارجه او في الربط بينهما/ الشرعية وغير الشرعية منها)، وإنما يزيد الوضع استفزازاً هو "الجرأة" التي تسم السلوك الحكومي الليبرالي في الأزمة الذي يبدو كمن يسارع لإثبات التوجه الليبرالي واضعاً الاعتبارات "الشعبية" خلفه، أو لا يضعها على الإطلاق..

ففي سورية 2013 وخلال الأزمة وفي أسبوع واحد ترفع الحكومة جزءاً من الدعم على مادة من المحروقات وتجهز لمواد أخرى بحجة نقص الموارد، وتقدم بمراسيم إعفاءات عن فوائد وغرامات لمكلفي ضرائب الأرباح لدواعي الأزمة ذاتها..
فالأزمة ذاتها تتحول لذريعة للأخذ من أصحاب الأجور، وتقديم التسهيلات لأصحاب الأرباح..
الإعفاءات.. مراسيم  متكررة
ليس مستجداً على الحكومات السورية المتعاقبة أن تقوم بتنفيذ المراسيم المتكررة التي تعفي الضرائب على الأرباح وغيرها من الفوائد والغرامات فقد تكررت الإعفاءات على المتأخرين فالمرسوم التشريعي رقم /67/ الصادر بتاريخ 2013 هو تمديد للعمل بالمرسوم التشريعي رقم /16/ الذي أعفى المكلفين الضريبين من الفوائد والغرامات والجزاءات المترتبة قانونياً على تأخرهم عن الدفع عن أعوام 2011 وما قبلها ويسبقهما المرسوم رقم /45/ لعام 2005.. وما على المكلفين إلا التأخر وانتظار مراسيم الإعفاءات التي تحولت إلى عرف في الاقتصاد السوري.
مرسوم الإعفاء الأخير تمديد للإعفاءات والغرامات المترتبة عن تأخر المكلفين الضريبيين، وسنحدد بعض الجهات المكلفة التي أشير إليها في التعليمات التنفيذية للمرسوم الصادرة من وزارة المالية يشير إلى إعفاء للجهات التالية ننتقيها من ضمن جملة المكلفين المعفيين:
• مكلفو ضريبة دخل الأرباح الحقيقية عن أعوام 2011 وما قبل من جميع الفوائد
• مكلفو ضريبة الدخل المقطوع وضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة، مزاولو مهنة البيوع العقارية، المنشآت السياحية التي ذكرت في التعليمات التنفيذية هي الفنادق من المستوى الدولي والدرجات الممتازة والدرجة الاولى والدرجة الثانية والمطاعم من الدرجة الدولية والممتازة، والدرجتين الأولى والثانية حسب تصنيف وزارة السياحة إضافة الى الملاهي من جميع الدرجات حسب تصنيف وزارة السياحة.
يعفى كل هؤلاء المكلفون الضريبيون من كل الفوائد والجزاءات والغرامات غير المسددة والمترتبة عليهم والتي تصل إلى 10% من قيمة الدخل المفروض عليه ضريبة والإعفاء يشمل كل الأعوام السابقة وليس حصراً في فترة الأزمة، وذلك إذا ما سددوا الضريبة أو الرسم لغاية 31/12/2013.
كبار التجار.. والحرفيون سواسية!!
يضاف إلى ذلك سياسة ضريبة الدخل المقطوع التي تجعل كبار التجار، والحرفيين الصغار مكلفين بالآلية والطريقة ذاتها، التي تعتمد على موظفين حكوميين وبعملية تقديرية تجعل وفق بيانات صاحب دخل شهري مليون ل.س، بضريبة تقديرية 10 آلاف ليرة سورية، حيث ردت المالية وهيئة الضرائب والرسوم طلب اتحاد الحرفيين بتخفيض ضريبة الدخل المقطوع للحرفيين كحالة خاصة وذلك في الشهر الثالث من العام الحالي، متذرعة بعدم وجود صك تشريعي، أي أن الحرفيين ينتظرون، يحتاجون مرسوماً لأخذهم كاستثناء يميز بينهم وبين التجار في تصنيفات ضريبة الدخل المقطوع، ولم يأت هذا المرسوم بعد، بينما أثنى التجار على تأخير عمليات إعادة تصنيف مكلفي الدخل المقطوع التي تتم كل ثلاث سنوات..
التهرب الضريبي
كانت تقديرات التهرب الضريبي في سورية تحسب بمتوسط 150 مليار ل.س سنوياً، والإعفاءات هي جزء من مسببات عملية التهرب، بالإضافة إلى الطيف الواسع لمكلفي ضريبة الدخل المقطوع، وبينما بلغ رقم التهرب الضريبي المقدر لعام 2011 بمقدار 200 مليار ل.س، فإن تقديرات الرقم تتضاعف خلال الازمة لتبلغ في عام 2013: 400 مليار ل.س بحسب خبراء اقتصاديين، وهي أكبر من ايرادات الضريبة التقديرية في موازنة عام 2012البالغة 242 مليار ل.س