آن أن تعترفوا: عقود B.O.T  خسارة بخسارة..

آن أن تعترفوا: عقود B.O.T خسارة بخسارة..

أعلن رئيس مجلس الوزراء في ترؤسه للمجلس الأعلى للسياحة بتاريخ 25 -9-2013، وبتصريح "ناري" بأنه لن يتساهل مع الفساد في قطاع الأعمال والسياحة.. ما فتح الأعين على ما الذي تخفيه هذه الجملة، وتحديداً بأن الحكومات السورية قد عودتنا بأن تحديد الفساد لا يتم بالأمر السهل إلا بعد تجاوز الانتهاكات الحد الذي "يخجل" أشد "الصامتين" حكومياً عن التكتم عنه..

اليوم ستضطر الحكومات أن تعلن بأن عقودها السياحية التي تغنت بها في سنوات "الليبرالية" لم تثمر إلا الضرر والشديد منه... وسينكرون على الحكومات السابقة سعيها وراء "العمامات السياحية" عندما كانت تتوالى التصريحات من ردهات الفنادق الكبرى، وفي سفارات الشركات المستثمرة بأن "السياحة قاطرة النمو في سورية.." وذلك بعد أن "خذلهم" كبار المستثمرين السياحيين..

دهشة حكومية: مستثمرين.. خذلتونا!!

ترفع اليوم الدعاوى القضائية على الحكومة السورية ووزارة السياحة من مستثمرين وشركات استثمار سياحية عملت سابقاً في سورية، وبعضها يعود إلى التسعينيات، وتطالب بمبالغ وتعويضات كبرى ولأسباب متعددة، ولكن تصل هذه المبالغ إلى أرقام تتجاوز 1،5 مليار ل.س لإحدى الشركات السورية، وتبلغ 10 مليون دولار لأخرى، بعد أن قدمت لها أراضي مساحتها 300 دونم في ريف دمشق..

الدهشة الحكومية من المستثمرين، تم التعامل معها بعملية وبسرعة!! حيث كالت الحكومة اللوم على جهات وموظفين في الوزارات من الذين تساهلوا في التعامل مع العقود، وتعاونوا مع الشركات بقصد أو غير قصد لتستطيع الشركات تحقيق استفادة من ثغرات في العقود الموقعة موجودة "بقصد أو غير قصد" كما تشير المعلومات الحكومية..
ونحن لا ننكر دور "كبار الموظفين الحكوميين" في التسهيلات المقدمة للمستثمرين الكبار في زمن الانفتاح والتي تصل إلى حد إيجاد ثغرات في العقود، أو التعامل بتساهل شديد وإهمال في ضبط الخلافات ومراقبة سير العمل، تحديداً أن نيل الاستثمار لأراض ومساحات في سورية لم يتم إلا عبر "الأتاوات" والحصص الكبرى لهؤلاء.. حيث تشير المعلومات ان تساهلات سمحت لإحدى الشركات بتضييع ما قيمته 25% من حقوق ملكية وزارة السياحة في رأس المال لمنشآت سياحية وبمبالغ تقدر بـ 2،2 مليار ل.س، ومناقشة أمر المسؤولين المباشرين عن ثغرات العقود هو ضرورة، ولكن ما يجب أن يناقش إلى جانب دور هؤلاء وعلى مستوى أكبر من الأهمية هو منطق الاستثمار السياحي الضخم بحد ذاته، وتحديداً العقود المجحفة التي تسمح للمستثمرين "بالطمع" في ظل جهاز دولة متراخٍ..
العقود دلالة "الدولة الرخوة"
لم تدفع هذه التجرية إلى طرح مسألة عقود الاستثمار السياحي للنقاش كجوهر للمشكلة، بعد أن التهمت أراضي بأكملها في سورية قدمت مجاناً لمستثمرين سوريين أو عرب أو غيرهم، بعد أن طبق أغلبها بموجب العقود سيئة الصيت "B.O.T " التي تسمح بحق انتفاع طويل الأمد وصل في السياحة إلى 99 عاماً لأراضي ومناطق سورية من مستثمرين أجانب..
حيث تبقي هذه العقود الملكية للدولة، بينما تعطي المستثمر حق الانتفاع، والدولة تأخذ نسبة من الإيرادات تحدد بموجب العقد، وذلك حتى إعادة الملكية للدولة بعد فترة زمنية قابلة للتمديد وتمدد غالباً (كما في شركات الاتصالات الخلوية)..
مثال "قطري" صارخ
وفي أحد الأمثلة "الصارخة" على عقود الـ BOT فإنه ووفق بنود عقود أحد الاستثمارات السياحية الكبرى، التي حصلت عليها شركة قطرية في شاطئ اللاذقية يضمن حق الانتفاع للشركة لمدة 99 عاماً، قابلة للتمديد، بينما تحصل على مساحات بلغت 268 ألف متر مربع، لتبقى حصة الدولة المعروفة ببدل انتفاع وهي نسبة من إيرادات التشغيل لا تتجاوز 7% خلال السنوات العشرين الأولى من الاستثمار، 8% للعشرين، 9% المدة المتبقية..
اليوم هذه الشركة لم تلتزم بتفاصيل في العقد ما يدفع اليوم  إلى بحث موضوع فسخ عقد هذه الشركة القطرية تمتلك مساحات واسعة على شاطئ اللاذقية!! مفارقات كهذه تحتاج نقاشاً في مفهوم "حسابات خط الرجعة" مع القطريين واستثماراتهم، هذه الحسابات التي تسم سلوك أصحاب القرار الاقتصادي- السياسي في سورية..
المزايا بلسان وزير سابق..
تغنى وزير سياحة سابق في إحدى لقاءاته مع صحيفة الأهرام المصرية بالمزايا السورية للمستثمرين "السياحيين" التي تصنف أهم المزايا وأوسعها في المنطقة، وذلك في عام 2003 عندما كانت مقولة "السياحة قاطرة النمو" في قمتها ونقتبس منه:
"تعتبر التسهيلات والمزايا والإعفاءات الممنوحة للاستثمار السياحي في سورية وبموجب قرار المجلس الأعلى للسياحة رقم‏181 ‏ لعام‏1985 ملائمة لجذب الاستثمار السياحي‏.‏
تتضمن تلك الإعفاءات والتسهيلات إعفاء المشاريع السياحية من جميع الضرائب أثناء الإنشاء والسماح باستيراد ماقيمته‏50%‏ من كامل الكلفة الإجمالية للمشروع معفاة من الضرائب والرسوم أيضا كما يمتد الإعفاء الكامل من الرسوم والضرائب لمدة‏7‏ سنوات بعد التشغيل ثم يتحول الإعفاء إلى 50%‏ طيلة مدة التشغيل إضافة إلى السماح بتملك أرض المشروع للمستثمرين العرب وإعادة إخراج رأس المال بعد خمس سنوات واستيفاء الأرباح بالقطع الأجنبي. تقدم الحكومة أيضا أراضي كثيرة وفي أفضل المواقع السياحية للاستثمار عبر أسلوب الشراكة المشتركة أو الإيجار الطويل لمدة تسع وتسعين سنة أو أسلوب‏ BOT ‏ مما يخفف على المستثمر الكلف الناجمة عن شراء الأرض ‏.‏"

10% اقترض وامتنع.. وأنت الرابح

أحد طرق "النصب" النوعية خلال المرحلة الماضية كان اتجاه "رجال أعمال" محليين نحو السياحة مستفيدين من ميزة "هامة" قدمتها الإعفاءات السورية للاستثمار السوري، وهي تسهيلات الإقراض للمشاريع السياحية، حيث أن الكم الكبير من الإقراض المقدم لمشاريع سياحية محلية، والتي تشكل اليوم جزءاً هاماً من القروض المتعثرة التي تتم جدولتها اليوم، يعود إلى ما نصت عليه بعض عقود BOT  حيث تتوسط وزارة السياحة لدى المصارف المحلية لمنح المستثمر قرضاً يعادل 50% من قيمة المشروع، وذلك بعد إنجاز 10% من الأعمال الإنشائية، ليدفع لاحقاً بدل استثمار سنوي بعد إنجاز المشروع. لذلك فإن سياسة أغلب أصحاب المشاريع السياحية والمحلية تحديداً اعتمدت على تشييد الـ 10%، الحصول على قرض من المصارف المحلية العامة غالباً والامتناع والتعثر عن السداد في محاولة لكسب المماطلة مع الدولة، وتشغيل هذه الأموال لحينها...