بالحد الأدنى لاستهلاك «3G».. الربح بالمليارات
تتجه الأنظار في أغلب دول العالم نحو تخفيض أسعار الانترنت وزيادة سرعته، وتنتشر عشرات الحملات الشبابية الداعية لهذا الغرض
شركات النهب الممنهج
نقول بداية إن مشتركي خدمة الجيل الثالث (3G) قد تجاوز عددهم الـ 174 ألف مشترك، والذي يعني أن الحد الأدنى المتوقع من الإيرادات الإضافية سيبلغ 174 مليون ليرة شهرياً، إذا ما افترضناً أن وسطي الزيادة على كل اشتراك هو 1000 ل.س فقط، والتي تصنف ضمن الباقات منخفضة الاستهلاك (أقل من 4 GB)، والتي كان استهلاكها الشهري 1500 ل.س قبل هذه الزيادة، أما إذا ما أسقطنا الإيرادات الإضافية المتوقعة شهرياً على العام بأكمله، فإننا سنصل إلى رقم يفوق 2.088 مليار ل.س، وهو حجم الإيرادات الإضافية التي ستجنيها شركتا الخلوي بالحد الأدنى سنوياً بعد هذه الزيادة..
لن ننسى هنا مشتركي الانترنت على الموبايلات، والذين تضاعف استهلاكهم أيضاً، وهم نظرياً يشكلون 12 مليون مشترك، ولا نعرف بالتحديد ما حجم استهلاكهم، إلا أنهم سيحققون إيرادات إضافية بالمليارات لأصحاب شركتا الخلوي، فـ«الشفافية الزايدة» التي تعامل بها شركتي الخلوي في تفصيل أرقام إيراداتها، لا تسمح لنا بتبيان الأرقام الحقيقية للزيادة المتوقعة..
عذر أقبح من ذنب
«نظرًا للظروف التي يمر بها وطننا الحبيب، والتي نأمل بانتهائها قريبًا وحفاظًا منا على جودة خدمات الاتصالات في سورية واستمراريتها، أقرت الشركة السورية للاتصالات تعديل أسعار خدمات الاتصالات»، هذه هي العبارة التي نشرتها شركة «سيريتل» على موقعها الالكتروني، لتعلل بها رفع أسعار خدماتها، إلا أن العذر الذي أفصح عنه لتبرير زيادة الأسعار، هو أقبح من الذنب الذي ارتكب بحق السوريين رغم قباحته، بالإضافة إلى أن تلك الزيادة لن تخدم سوى أصحاب شركتي الخلوي بالدرجة الأولى، مهما حاول البعض «التلطي» خلف حصة مؤسسة الاتصالات، فإذا ما كان هؤلاء حريصين على تأمين الإيرادات للخزينة العامة، فعليهم تأميم شركتي الخلوي، والتي تعني استرجاع كامل إيراداتها لمصلحة الخزينة العامة أولاً، والشعب بعمومه في المحصلة، بدلاً من أن تكون تلك الشركات سيفاً مسلطاً على رقابهم وجيوبهم..
ليَزداد الأغنياء غِنىً والفقراء فقراً
عوضاً عن تحميل أغلبية المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة والمعدومة الثمن مجدداً بقرارات هكذه، تحت حجج واهية تدعي الحرص على الأموال العامة، وتسعى لتمويل الموازنة العامة من جيوب الفقراء، كان الأجدى لهم البحث عن مكامن الموارد الأكثر إغراءً في جيوب من لا يستحقها، والذين لم تلوح أروقة صناعة القرار بالعصا ضدهم يوماً، ولم يسعوا للقول لا الفعل - بالحد الأدنى - بضرورة إعادتها إلى مكانها الطبيعي في خدمة الخزينة والموازنة العامة..
مثل تلك القرارات تعتبر في الجوهر استمرارية للنهج الاقتصادي الذي اتبعته الحكومات خلال العقود الماضية، والحكومات لم تكن سوى أداة تنفيذية فقط، بينما كانت صناعة مثل تلك التوجهات في مكان آخر، هذا النهج الذي يرتكز إلى أرضية (ليَزداد الأغنياء غِنىً والفقراء فقراً)..
التعدي على الجيوب المثقوبة مجدداً
في خط بياني واضح ومتصاعد، تسعى القرارات الحكومية إلى التعدي على جيوب أغلبية مسحوقة من السوريين، وفي جديد تلك القرارات، هو ما كشفت عنه مصادر مطلعة من أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد شكلت لجنة لإعادة النظر في نسبة «رسم المازوت» المفروض على السيارات العامة على المازوت، مبينة أن «ما يوجب إعادة النظر بهذا الرسم بعد ارتفاع سعر ليتر المازوت 10 أضعاف.
الجزء الأكبر من السيارات العاملة على المازوت تدخل ضمن إطار السيارات العامة، كالسرافيس وباصات النقل وسواها، وتحميل أصحاب تلك السيارات رسوماً إضافية سيعني حكماً زيادة تعرفة نقل الركاب والبضائع للسيارات العاملة على المازوت، أي أن من سيدفع الثمن مجدداً هم أغلبية المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة والمعدومة، بحجة الحرص على الأموال العامة، وتمويل الموازنة.. بينما يسمح لشركات الاتصالات برفع أسعارها بين 25-100% «نظراً للظروف التي تمر بها البلاد»..