واشنطن وبروكسل تحاولان شراء يريفان
تسعى كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما بوسعهما لاستمالة واستدراج أرمينيا بشكل أكبر نحوهما، كخطوة باتجاه تحكم أعلى بها، وتحولها إلى نقطة ومصدر للتوتر في منطقة جنوب القوقاز، بما يشكل ضغوطاً على روسيا وإيران وتركيا، وكان من آخر هذه الخطوات الاجتماع الثلاثي في الـ 5 من نيسان.
عمدت الولايات المتحدة الأمريكية عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إلى تهدئة أذربيجان بشأن الاجتماع الثلاثي بين واشنطن وبروكسل ويريفان، بالادعاء أنه مخصص للقضايا الاقتصادية والتنمية الاقتصادية فقط، وليس موجهاً ضد باكو. إلا أن علييف أشار بشكلٍ واضحٍ للتحضيرات «الغامضة» و«غير الشفافة» للاجتماع المذكور، وخلال الاتصال نفسه، أكد علييف لبلينكن أن محاولات التدخل في بلاده تحت ذريعة حقوق الإنسان غير مقبولة، وجاء في بيانٍ للرئاسة الأذربيجانية «تم طرح العديد من القضايا خلال المحادثة الهاتفية، بما في ذلك قضية حقوق الإنسان في أذربيجان [...] أشار الرئيس إلهام علييف إلى أن محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لأذربيجان تحت ذريعة قضايا حقوق الإنسان غير مقبولة على الإطلاق، بالإضافة إلى أنه رفض التصريحات المتحيزة لعدد من الدول الغربية على أساس المعايير المزدوجة».
ومن الناحية الشكلية، فإن الاجتماع ناقش بالفعل قضايا اقتصادية وتنموية، أفضت إلى التخطيط لتقديم الولايات المتحدة أكثر من 65 مليون دولار، حيث صرح بلينكن «نخطط لتقديم أكثر من 65 مليون دولار كمساعدة من أموال ميزانية العام المالي 2023. وهذا يزيد بأكثر من 50% عمّا كان عليه الأمر قبل عامين»، وبدورها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: إن المفوضية وعدت بتخصيص 270 مليون يورو كمساعدات لأرمينيا على مدى 4 سنوات، بيد أن هذه الأموال تعني وتهدف بالضبط لاستمالة أرمينيا أكثر فأكثر تجاه الغربيين بالضد من موسكو.
وفضلاً عن هذا الاجتماع، تمضي أرمينيا بخطوات مشابهة أكثر فأكثر، ليخرج وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتصريح قبل الاجتماع، مفاده أن «القيادة الأرمينية، وتحت ذرائع واهية، تشوه تاريخ السنوات الثلاث الماضية، بل الثلاث سنوات ونصف، وتسعى عمداً إلى تدمير العلاقات مع روسيا الاتحادية» وكان قد أشار في وقت سابق، أن يريفان وقعت بفخ وعود المساعدات الغربية التي تهدف لقطع علاقات يريفان مع موسكو وهياكل التكامل في المنطقة.
وبعد الاجتماع والإعلان عن الأموال المخصصة، علقت وزارة الخارجية الروسية بالقول «لا يمكن مقارنة أحجام المنح المعلن عنها في بروكسل بمليارات الدولارات والتي تستمر أرمينيا في كسبها من التعاون مع موسكو وداخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورابطة الدول المستقلة».
وإثر هذه الأحداث، برزت أحاديث تتعلق بدخول أرمينيا إلى حلف الناتو، علماً أن الطرفين يتعاونان فيما بينهما دون اتفاقيات رسمية، الأمر الذي يولد تداعيات كبيرة، وبناء عليه قال وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان: «لدينا بالفعل تعاون مع حلف شمال الأطلسي، ونشارك في عمليات حفظ السلام في أفغانستان، وقمنا بزيادة وجودنا في كوسوفو، وهذا شكل من أشكال التعاون [...] إذا كنا نتحدث عن نية الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، فاليوم هذه القضية ليست على جدول أعمال أرمينيا».
مع التطورات المستمرة في منطقة القوقاز، يبدو أن القيادة في أرمينيا ماضية في اتجاه العمل ضمن المخطط الغربي في أوروبا، فبعد أن كان الحديث يتضح عن دور فرنسي متنامٍ، وخصوصاً في مجالات التسليح، يأخذ اللقاء الثلاثي بين واشنطن وبروكسل ويريفان منحىً أكثر وضوحاً، إذ يسلط الضوء على الدور الأمريكي الأساسي في هذه المسألة، ويعيد طرح قضية درجة استقلالية الدول الأوروبية التي تدعم توسيع دائرة الفوضى في القارة بدلاً من تضييقها!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1170