بوتين من فالداي يعرض رؤية روسيا للظرف الدولي الجاري
ملاذ سعد ملاذ سعد

بوتين من فالداي يعرض رؤية روسيا للظرف الدولي الجاري

عقد منتدى فالداي الدولي اجتماعه السنوي العشرون في الفترة بين 2 و4 من الشهر الجاري في مدينة سوتشي الروسية، تحت عنوان «التعددية القطبية العادلة: كيفية ضمان الأمن والتنمية للجميع»، وهو منتدى يضم خبراء روس وأجانب في مجالات الاقتصاد والعلاقات الدولية والعلوم السياسية والتاريخ، ليلقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمة له خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمنتدى، معلناً عدة مواقف روسية، ومطلقاً مجموعة من التصريحات حول مواضع متعددة تتعلق بالتطورات الدولية الجارية، وموقف موسكو منها.

للغرب وعن الغرب

تحدث بوتين عن ضرورة التخلّص من الهيمنة الفكرية والثقافية التي فرضها الغرب على شعوب العالم، قائلاً: إن الشعوب التي تعرف مصالحها يتعين عليها التخلص من هذا الفكر الاستعماري، واعتبر أنه ينبغي الخروج من الحلقة المفرغة التي فرضها الغرب للسيطرة على الفكر الإنساني، «وإن الحضارة في مفهومنا متنوعة ومختلفة للغاية».

وقال: «الولايات المتحدة اتخذت نهج الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية والإنسانية وحتى الأخلاقية. إلا أن العالم معقد أكثر مما هو متوقع كي يدار من قبل طرف واحد».
وتحدث بوتين بأن «الطرف الآخر في الغرب نسي تماماً أن هناك مفاهيماً، مثل: السلوك العقلاني، وضبط النفس، والحلول التوافقية، والاستعداد بدرجة ما لتقديم تنازلات لتحقيق نتائج مقبولة للجميع.. كلا، إنهم مهووسون بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتسيطر عليهم فكرة واحدة وهي الدفع بكل وسيلة ممكنة وبأي ثمن، نحو تحقيق مصالحهم وحدهم».

الأزمة الأوكرانية

قال بوتين: «كان من الضروري الرد على التهديدات الغربية. لم نبدأ الحرب في أوكرانيا، وإنما نحاول إنهاء الحرب التي شُنت ضدنا [...] كانت هناك حرب حقيقية لعشر سنوات في دونباس بالدبابات. العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا جاءت لإنهاء هذه الحرب [...] لكل فعل رد فعل، وكل من يأخذ على عاتقه بأنه استثنائي، وأن لديه كل الحق في إملاء هيمنته فللأسف سيكون هناك رد. الدول الغربية فقدت التعامل مع الواقع».

وجواباً على الاتهامات لموسكو بطمعها بأراضٍ جديدة في أوكرانياً، تحدث الرئيس الروسي: «ليس لدينا أي مطامع في المزيد من الأراضي. نحن أكبر دولة في العالم، ولدينا مساحات كبيرة يجب استغلالها في بلادنا».

وأكد بوتين: «فقط منذ بداية ما يسمى بالهجوم المضاد، الذي بدأ في 4 يونيو، بحسب أحدث البيانات، فقدت الوحدات الأوكرانية أكثر من 90 ألف شخص، هذه الخسائر غير قابلة للتعويض» مشيراً إلى أن القوات الأوكرانية فقدت خلال هذه الفترة 557 دبابة وأكثر من 1900 آلية مدرعة من عدة فئات.

الشرق الأوسط

اعتبر بوتين، أن أي دولة تسعى لنيل استقلاليتها وتحقق مصالحها، تتحول إلى عقبة في وجه الغرب، وأضاف: إن الغربيين يحاولون أن يجعلوا من العالم العربي والمسلمين أعداء، حيث قال: «في الواقع، كل من يتصرف بشكل مستقل، ويتبع مصالحه الخاصة، يتحول على الفور إلى عقبة أمام النخب الغربية، ويعملون للقضاء عليه» وتابع «إنهم يواصلون محاولات جعل العالم العربي عدواً، ويحاولون التصرف بحذر مع أجزاء منه، وبشكل عام، كل هذا يؤدي إلى ذات النتيجة. وحتى أنهم يحاولون أن يجعلوا من المسلمين نوعاً من البيئة المعادية».

أرمينيا وأذربيجان

وضّح بوتين كذلك بعضاً من القضايا المتعلقة بأزمة إقليم قره باغ والنزاع الأذربيجاني الأرمني، مشيراً إلى أن هذه المشكلة بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسيطرة أرمينيا على نحو 20% من أراضي أذربيجان، وقال: إنه على مدى 15 عاماً اقترحت روسيا على أرمينيا اتخاذ حلول توافقية حول قره باغ. وقال لاحقاً: «الوضع المتزعزع استمر لفترة محددة، وبرعاية السيد شارل ميشيل في خريف 2021، وماكرون وشولتس اجتمعت أرمينيا وأذربيجان، ووقعتا بياناً، يستنتج منه أن أرمينيا اعترفت بسيادة أذربيجان على قره باغ [...] ما جرى في الأسابيع الأخيرة كان نتيجة لما أعلن في براغ وبروكسل. لهذا كان على السيد ميشيل وزملائه أن يفكروا من قبل، حينما كانوا يقنعون السيد باشينيان الإقدام على مثل هذه الخطوة، كان عليهم أن يفكروا ملياً بمصير سكان قره باغ [...] كان عليهم أن يفكروا في آلية ضم قره باغ مع أذربيجان، وحفظ حقوق الأرمن في قره باغ». وأكد بوتين أن موسكو مستعدة لتقديم المساعدة لأرمينيا التي ستبقى شريكة لها.

الاقتصاد الداخلي وتجاوز العقوبات

حول الظروف الداخلية للاقتصاد الروسي قال بوتين: «وفقا للنتائج الاقتصادية سيكون ثمة عجز بنسبة لا تزيد عن 1%.. لقد انطلقت إعادة بناء هيكلي لاقتصادنا، وبعد عام 2014 بدأنا في خفض شراء منتجات زراعية من الغرب، وأصبحنا نغطي سوقنا بالكامل، وذات الأمر يجري في القطاع الصناعي [...] واردات النفط والغاز في المصافي زادت بـ 43%، كما أن المنتجات الإلكترونية والبصريات، لا زلنا في بداية الطريق، إلا أن ذلك ارتفع.. الوضع مستقر، وقد تجاوزنا كل المشكلات الناجمة عن العقوبات [...] الأهم، أن نحافظ على هذا التوجه، والمداخيل الحقيقية للسكان زادت بنسبة 12%».

وأشار «نحن نقوم بالإسراف على المنتجات العسكرية والوقود، لكننا ننفذ الخطط الاستراتيجية والالتزامات الاجتماعية المأخوذة على عاتق الحكومة بشكل كامل».

استفزاز الصين

اعتبر الرئيس الروسي، أن ما قام به الغربيون والناتو من استفزاز تجاه روسيا عبر توسيع حدوده نحوها، وتحديداً في أوكرانيا، يقومون به الآن في الشرق، حيث قال: «نرى أن أحد أساليب الاستفزاز وخلق الأزمة في أوكرانيا كان سعي الدول الغربية- وقبل كل شيء الولايات المتحدة- لتوسيع الناتو باتجاه الحدود الروسية دون أي رادع [...] وهم يقومون بنفس الشيء في الشرق، حيث يشكلون مختلف التجمعات العسكرية المغلقة. وهم يكررون هناك نفس الأخطاء التي ارتكبوها في أوروبا» بإشارة إلى الصين والتحالفات العسكرية الغربية التي تقام على تخومها، من مثل أوكوس.

الاستعداد النووي

أكد بوتين من جديد: الاستعداد الروسي للردّ على أي تهديد نووي أو وجودي لروسيا، حيث أوضح «أنه في العقيدة العسكرية الروسية هناك سببان لاحتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية. الأول: هو استخدامها ضدنا، أي ردا على ذلك، فيما يسمى بالضربة المضادة [...] السبب الثاني لاستخدام هذه الأسلحة: هو التهديد الوجودي للدولة الروسية، حتى لو تم استخدام الأسلحة التقليدية ضد روسيا، ولكن وجود روسيا كدولة معرض للخطر» وتابع «لا أعتقد أن أي شخص بكامل قواه العقلية وذاكرته السليمة يخطر على باله استخدام الأسلحة النووية ضد روسيا».

6 مبادئ روسية لتحقيقها مستقبلاً

في نهاية كلمته، حدد الرئيس الروسي 6 أهداف تسعى موسكو لتحقيقها، أولاً: «نريد أن نعيش في عالم مفتوح ومترابط، بحيث لا يستطيع أحد على الإطلاق أن يقيم حواجز مصطنعة أمام تواصل البشر وتحقيق تطلعاتهم الإبداعية وتطورهم». ثانياً: تحقيق «التنوع العالمي». وثالثاً: «تمثيل» العالم، حيث لا يحق لأحد أن يحكم العالم نيابةً عن الآخرين. رابعاً: تحقيق الأمن العالمي والسلام المستدام، استناداً إلى مصالح جميع الدول ومراعاتها. خامساً: العدالة العالمية على النقيض من الاستغلال والهيمنة. وسادساً: المساواة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1143
آخر تعديل على الخميس, 19 تشرين1/أكتوير 2023 16:51