هل تشهد ليبيا عودة للحرب الأهلية؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

هل تشهد ليبيا عودة للحرب الأهلية؟

لم يكن مفاجئاً ما جرى في العاصمة الليبية طرابلس من اشتباكات مسلحة عنيفة تهدد بعودة اشتعال الحرب الأهلية في مساحات واسعة في البلاد، حيث أن جميع المؤشرات السابقة كانت تدل على ذلك، والمشكلة الرئيسية الواقفة خلفها، هي استمرار رهان المتشددين داخلياً على الوجود العسكري الأجنبي والتدخلات الأجنبية في بلادهم كلٍ لصالحه.

إن ذريعة الصراع العسكري الجاري مشكلة قانونية ودستورية تتعلق بوجود حكومتين ليبيتين، واحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى برئاسة فتحي باشآغا، وبمهمة واحدة هي إجراء الانتخابات في البلاد.
بدأ التصعيد الأخير عبر إرسال فتحي باشآغا رسالة لعبد الحميد الدبيبة يطالبه فيها بـ «تسليم السلطة سلمياً» بلهجة تهديدية، وذلك بالتوازي مع تحرك قوات عسكرية من غرب ليبيا باتجاه الشرق، قبل أن يرد الدبيبة بلهجة تصعيدية أيضاً «وفر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب... ودع عنك أوهام الانقلابات العسكرية فقد ولى زمانها»، ليتبع ذلك محاولة دخول جديدة للقوات الموالية لحكومة باشاغا العاصمة طرابلس وتجري بها اشتباكات عنيفة يوم الجمعة السابق.
ورغم عدم وجود تأكيدات رسمية إلا أن مختلف التقارير الإخبارية تفيد بوقوع اشتباكات بين فصائل متمركزة في طرابلس نفسها قبل أن تدخل قوات باشاغا، وفي هذا السياق نستذكر ما جرى في الشهر الماضي من اشتباكات مشابهة لفصيلين مختلفين ضمن طرابلس أيضاً بذريعة اعتقال واحدٍ منها لقائد فصيل آخر، وتعد هذه الاشتباكات الداخلية في طرابلس مؤشراً يدل بوجود حالة انقسام لدى حكومة الدبيبة نفسها، فضلاً عن خروج عدة تظاهرات شعبية في طرابلس تطالب الدبيبة بالتنحي و«تدارك الأمر والامتثال وتسليم السلطة سلميا والتنحي فوراً عن منصبه قبل فوات الأوان».
من جهة أخرى، تدل المؤشرات الحالية على تحرك سياسي داخلي وإقليمي بغير مصلحة الدبيبة، خاصة وأن باشاغا يمتلك علاقات جيدة مع تلك القوى المحسوبة على الدبيبة نفسه، وتحديداً منها مصر وتركيا، إلا أن المشكلة القديمة نفسها لا تزال هي الاتفاقات التركية مع حكومة الوفاق الوطني السابقة، ومحاولات أنقرة للحفاظ عليها عبر تلقي ضمانات بذلك، فضلاً عن استمرار تواجدها العسكري في البلاد لهذا الغرض نفسه، وعليه تتركز كل الأنظار نحو تركيا حالياً، بين استمرارها بدعم حكومة الدبيبة، أو التخلي عنه بما يعني تلقيها ضمانات من حكومة باشاغا بالتوافق مع مصر وباقي الأطراف الليبية.
وعلى الرغم من أن هذا التطور إن جرى لن يؤدي إلى إقامة انتخابات حقيقية في البلاد تلبي رغبة ومصلحة الليبيين باختيار برلمانهم ورئاستهم بسبب التدخلات الخارجية وتأثيراتها، إلا أن ضرورة التوافق الإقليمي والداخلي تتمثل بإنهاء الصراع وإعادة توحيد البلاد بالكامل كأولوية.
ورغم التقارب المصري- التركي بهذا الملف، ورغبة الدول الإفريقية بحل الأزمة الليبية، ومصلحة الأوروبيين بالاستقرار في ليبيا، وعودة التجارة معها تحديداً بمواد الطاقة، لا يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك أدنى مصلحة باستقرار الأوضاع والمضي نحو إقامة انتخابات ضمن المعادلات الحالية، حيث لا توجد أية مكاسب مُرضية، سواء لها، أو للكيان الصهيوني، فضلاً عن تطور علاقات إيجابية بين الليبيين وروسيا، وعليه تشارك واشنطن بشكل فاعل بتحريض التوتر والاقتتال واستفزاز مختلف الأطراف.
فلاشة: لا يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك أدنى مصلحة باستقرار الأوضاع والمضي نحو إقامة انتخابات ضمن المعادلات الحالية

معلومات إضافية

العدد رقم:
1085