لِمَ تأجلت الانتخابات الليبية وهل سيتكرر الأمر؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

لِمَ تأجلت الانتخابات الليبية وهل سيتكرر الأمر؟

مضى عام 2021 دون أن تجري الانتخابات الليبية في موعدها، بعدما أُجلت إلى الـ 24 من كانون الثاني الجاري، وسط توترات سياسية كبيرة بين مختلف الأطراف السياسية الليبية والدولية.

لم يكن قرار التأجيل مفاجئاً بأية حال، فجميع الظروف التي سبقت موعد الانتخابات السابق أشارت إلى احتمالية التأجيل، حيث كانت لا تزال تتفاعل الخلافات حول القاعدة الدستورية، وقانون الانتخابات من جهة، والمبارزات السياسية حول المرشحين من جهة أخرى، وتحديداً ما يتعلق بالمشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي وعبد الحميد الدبيبة، وما يحمله كل طرف منهم بارتباطات جيوسياسية بين مختلف القوى الإقليمية والدولية، من مصر وتركيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
وبالتحليل، فإن المشاكل الرئيسية التي تقف خلف التوترات السياسية الجارية وأدّت لتأجيل الانتخابات، لا تزال حاضرة بطبيعة الحال، وأهمها: التواجد العسكري الأجنبي داخل البلاد، واستمرار انقسام المؤسسة العسكرية الليبية، وانفلات السلاح بين مختلف القوى، وغياب وجود أي طرف سياسي تتوافق عليه أغلبية الليبيين حقيقةً، حيث يدرك كل طرف من الأطراف السياسية الليبية أوزانهم على الأرض، وعليه فإن كل طرف منهم يسعى لنموذج محدد من العملية الانتخابية بدستورها وقوانينها التي تضمن له فرصاً أعلى من أصوات الناخبين، أي وبكلام آخر، ما من طرف من الأطراف الليبية يثق بأيّ نجاح له، وعليه فإن استمرار الوضع القائم يُعد أكثر فائدةً في الحسابات الضيقة لكل طرف على حدة، ويعكس هذا الأمر بنفس الوقت، حالة التوازن الإقليمي والدولي بالملف الليبي، فنذكر مثلاً: أن لا مصر، ولا تركيا، ولا فرنسا أو الولايات المتحدة قادرون على فرض نموذج محدد للحل السياسي الليبي على الآخرين، لتبقى حالة التوازن الإقليمي والدولي– بالاستناد الى وجود قوى عسكرية أجنبية في ليبيا– قادرة على العبث بالمسار السياسي بالشكل الذي جرى.
ورغم أنه لا يزال من المبكر الحديث بأية تنبؤات حول موعد الانتخابات الجديد، لكن ليس من الصعب معرفة أنه بحال استمرت الأسباب التي أدت إلى التأجيل الأول قائمة وفاعلة، دون حل، فإنها ستؤدي لتأجيلٍ ثانٍ، علاوة على أن التوترات الآن قد ارتفعت لدرجة كبرى إثر التأجيل نفسه، مما يشكل ضغوطاً أعلى وأكبر على مختلف الأطراف السياسية المنخرطة محلياً ودولياً.
ومن غير عبارات دبلوماسية، فإن الفضل الأكبر لهذا التأجيل يقع على عاتق تركيا والقوى السياسية الليبية المرتبطة معها، بتشددها حيال إبقاء قواتها العسكرية ومرتزقتها بالداخل الليبي ضمانةً لرفع وزن هذه القوى بالانتخابات، مما ولد ردود فعل سلبية من الأطراف المقابلة، وأعاق التوصل لأية توافقات حقيقية وجدية حول القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات.
ولا يخلي هذا الأمر مسؤولية الأطراف المقابلة مما جرى بطبيعة الحال، فالمواقف الفرنسية والبريطانية والأمريكية، إن لم تكن محرضاً رئيسياً للتشدد التركي، فإنها على الأقل تستفيد منه وتوظفه لصالحها، ولصالح استمرار الأزمة وربما محاولة إعادة إحياء حرب أهلية جديدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1051
آخر تعديل على الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 23:20