الصين والهند وروسيا...  بوصلة الميزان الدولي الجديد
يزن بوظو يزن بوظو

الصين والهند وروسيا... بوصلة الميزان الدولي الجديد

إذا ما كان التطور الطبيعي والموضوعي للسياسات الدولية بعلاقاتها وتحالفاتها يمضي بتثبيت ميزانٍ جديد لها، بغير مصلحة روّاد الميزان القديم وعلى رأسهم واشنطن، فإن الأخيرة- وبشكل مَضحك- عِبر دفاعها عن نفسها بما تفعله من قرارات وحروب ومواقف، تُعبّد طريقاً أفضل لهذه المتغيّرات، مما يجعل العملية أسرع... ولعلّ الهند آخر مثال الآن، ولن تكون الأخيرة.

فعلى هامش قمّة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية أواخر الشهر الماضي، جرى اجتماع آخر لترويكا روسيا- الصين- الهند عِبر رؤسائها. وعلى الرغم من أنّ هذه الترويكا ليست جديدة، حيث يعود ظهور فكرتها لأول مرة في أواخر التسعينات، التي عبّر عنها آنذاك رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف: بأنها قوة توازي التحالف الغربيّ وتواجهه، إلا أنّ اجتماعاتها كانت متباعدة ومتقطعة حتى مؤخراً، حيث تزايدت وتيرتها مع مجمل المتغيرات الدولية، فالسنة الماضية أيضاً جرى اجتماع ثلاثي على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة بوينس آيرس في الأرجنتين، وقبيل قمّة أوساكا أجرت لقاءً لها أيضاً في بيشكيك في قمّة منظمة شانغهاي للتعاون.

اجتماع يوازي قمّة العشرين نفسها

لكن من بين كل لقاءات هذه الترويكا السابقة، لاقت الأخيرة اهتماماً يوازي قمّة العشرين نفسها، حيث الهند، حليفة واشنطن كما «كانت» تُعرف، وكانت المُبادرة اتجاهها في بيشكيك، مما يفتح التساؤل حول ما قد يحصل إذا ما تعاونت واتحدت الصين والهند فضلاً عن روسيا؟ ففي الحدّ الأدنى تكون ضربة موجعة جديدة للغرب وسياساته، وتقدماً للأطراف الأوراسية، ثمّ تسريعاً للعمل بمبادرة الحزام والطريق، وأخيراً، إقامة نظام اقتصادي ودولي جديد لا مكان للهيمنة الأمريكية فيه.

واشنطن تطلق النار على نفسها

على الرغم من كل جهود واشنطن تاريخياً باللعب على التناقضات الهندية- الصينية ومحاولات إحيائها بغاية استمرار توتر العلاقات بين الدولتين، إلا أنها ضاعت عند أول رسوم جمركية فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على البضائع الهندية في الحرب التجارية الأخيرة. مما يدفع بنيو دلهي للبحث عن خيارات أكثر سلامة واستقراراً لنشاطها، هناك حيث النموذج الاقتصادي والسياسي الجديد يشقّ طريقه.

ليست مجرد ترويكا إقليمية

إلا أنّ الأمر في هذه الترويكا وتطورها لا يقف عند حدودها بالمعنى الإقليمي الجيوسياسي، بل وكما عبّر الرئيس الروسي بوتين بعد الاجتماع الأخير: أن التعاون في الشكل الذي يجري بين روسيا والهند والصين يمكنه أن يصبح مثالاً للنظام العالمي. حيث أكبر اقتصادات دولية وأعلى معدلات نمو بها، مما يعني، في المعنى الإستراتيجي، أنّ هذه الترويكا عملياً سوف تُصبح البوصلة الأساسية للحركة والنشاط الدولي، على غرار التحالف الغربي بالتوازن السابق، باختلاف المصالح والأهداف. فقد شدد مودي، رئيس وزراء الهند، على فكرة التعددية في مواجهة السياسات الأحادية الأمريكية، وعلى إصلاح منظومة التجارة العالمية. وموافقاً عليه الرئيس الصيني شي بنقده حول «السياسات الحمائية والأحادية الجانب التي أثّرت على الاستقرار الدولي والنمو الاقتصادي».

معلومات إضافية

العدد رقم:
921
آخر تعديل على الإثنين, 08 تموز/يوليو 2019 14:05