لبنان... توتير ومشاكل بالجملة
رشا النجار رشا النجار

لبنان... توتير ومشاكل بالجملة

ليس من المستغرب لدى الكثيرين أن يتم ربط كلمة «لبنان» بالـ «المشاكل»، فهذا البلد الصغير الذي عانى كثيراً من سلسة من الحروب الوطنية والأهلية، في ظلّ نظامه القائم على مبدأ التحاصص الطائفي، وفي ظلّ موقعه الجغرافي المجاور لفلسطين المحتلة، لن يكون بطبيعة الحال بعيداً عن المشاكل.

أحداث الجبل

في الأسبوع الفائت، هزّت جبل لبنان حادثة تبادل لإطلاق النار بين حراس وزير الدولة، صالح الغريب، المنتمي إلى «الحزب الديمقراطي» وأنصار «الحزب التقدمي الاشتراكي»، كان ضحيتها قتيلان وعدد من الجرحى، وحصل قطع للطرقات في الجبل، وعدد من مداخل بيروت، ممّا أعاق حركة السير وسبّب حالة من الهلع عند الناس.
بغضّ النظر عن تفاصيل الاشتباك، وتراشق الاتهامات بين الطرفين المعنيّين، فإنّ وقوع مثل هذا النوع من الحوادث يأتي ضمن سياق إعادة ترتيب لأوزان الزعامات الطائفية، بالتناسب مع التغيّرات المحلية والإقليمية. يُضاف إلى ذلك ما يجري عادةً عند كلّ مطبّ سياسي واقتصادي تقع فيه السلطة والحكومة اللبنانية، حيث يتم إعادة تشغيل لفتيل الصراع المذهبي والطائفي، في محاولة لإلهاء الناس ببعضها البعض.

قرارات اقتصادية جائرة

شهِد الوضع الاقتصادي الاجتماعي في لبنان ترديّاً غير مسبوق، خصوصاً بعد إقرار موازنة 2019 والتي تمّ فرضها غربياً، وتمّت مناقشتها في البرلمان ووافقت عليها الحكومة اللبنانية، هذه الميزانية التقشفية التي هدفت إلى تخفيض العجز من 11,5 % في 2018 إلى 7,5 % من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تم تصويرها على أنّها طوق النجاة للاقتصاد اللبناني، استدعت ضرورة اتّخاذ مجموعة من الإجراءات القاسية بحق المواطنين اللبنانيين، من رفعٍ للضرائب، وتخفيضٍ لأجور العاملين في القطّاع العامّ، ورفعٍ لأسعار الخدمات خصوصاً الكهرباء... إلخ، بمعنى آخر، تجري محاولة حلحلة أزمة الدَّين العام غير القابل للسداد في لبنان على حساب الناس. ردود الأفعال الشعبية كانت صلبة أيضاً، حيثُ جرى تنظيم مجموعة من المظاهرات الغاضبة الرافضة لهذه الميزانية، احتجاجاً على اقتطاع الحكومة أجزاء من مستحقات المتقاعدين والموظفين في القطاع العام.

أزمة اللاجئين السوريين

مع بدء الأحداث في سورية جرت موجات لجوء جماعية إلى مناطق متفرقة من العالم، وحظي لبنان بنسبة جيدة من أعداد هؤلاء اللاجئين. في البداية تمّ الترحيب بهم حيثُ كانوا مصدراً هامّاً للدخل، ولكن ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية وتخفيض المساعدات الدولية، بدأ ملف اللاجئين يطرح بصفته عبئاً على الدولة اللبنانية، وعلى اللاجئين أنفسهم، حيثُ تمّ استخدامهم كشمّاعة لتعليق المشاكل والأزمات التي يمرّ بها لبنان، ممّا خلق جوّاً من العنصرية اتجاههم. وهذا ما يفسّر التسويف الذي تعمل عليه الأمم المتحدة والأوروبيون وجزء من اللبنانيين وغيرهم من المستفيدين من حالة التصعيد هذه، حيثُ عدم عودة اللاجئين يشكّل ملفاً قابلاً للتوتير. وهو ما يستدعي من جميع القوى السورية واللبنانية الوطنية التعاون والعمل الحثيث لإيجاد حل لهذا الملف.

مشاكل حدودية

ما زالت مشكلة ترسيم الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة قائمة منذ عقود، وقد ازدادت حدّةً بعد اكتشاف حقول للنفط والغاز في البحر المتوسط في أماكن مشتركة أو متداخلة، حيث رفض اللبنانيون مؤخراً الشروط التي قدّمها الكيان الصهيوني، والمتضمنة أن تتم عملية ترسيم الحدود في الناقورة وبوساطة أمريكية وليست أممية، مما يعطي طابعاً مباشراً للمفاوضات بين الطرفين، وهذا ما رفضه الجانب اللبناني، حيث لا مجال لوجود مفاوضات مباشرة بين لبنان والكيان الصهيوني.
القاسم المشترك بين جميع هذه المشاكل آنفة الذكر، هو: عامل التوتير المُلاحظ، إذ يشترك لبنان في هذه النقطة مع مُجمل دول المنطقة التي تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في ظلّ التغيرات الكبرى التي يشهدها العالم. وهذا ما يُشكّل أرضية خِصبة لانفجارٍ محتمل في لبنان، يجب العمل على منع حدوثه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
921
آخر تعديل على الإثنين, 08 تموز/يوليو 2019 14:08